صراع و تعارض الزمن الأمني مع الزمن السياسي والزمن الاداري في مواجهة الأزمات

playstore

تعرف انظمة الحياة العامة نقاشا مترامي الاطراف في ظل غياب التحكم في الزمن المخصص لحل المشاكل المطروحة، وفي الغالب يلقى الزمن الأمني إهمالا بالنظر الى العمر الطويل الأزمات ، والسبب هو تداخل المهام الادارية و الوظائف والمسؤوليات السياسية بالاختصاص الموضوعي لحل المشاكل، دون تقدير مدة العمل و دون احتساب الزمن الحقيقي لتنفيذ البرامج و تحقيق الأهداف أو لمعالجة المشكل الإداري أو النزاع القضائي أو الأزمة الاقتصادية او الاجتماعية، ذلك ان تدبير الزمن الأمني يتطلب اعتماد قياسات كتحديد المفاهيم الأساسية والمبادئ والاجراءات التي يقوم عليها التدبير الامني الجيد، و مدد التصدي للمشكل المعبر باحتساب الزمن الأمني، و لإعطاء أهمية لحكامة تدبير الزمن الامني في إدارة الأزمات يمكن تأليف كتب في الموضوع.
وتتجلى قيمة الزمن الأمني في اعداد الجدولة الزمنية للاحاطة بالأزمات، وتوخي السرعة في التصدي لتقليل الآثار السلبية، بروابط التوقع والاحتياطات في عملية تدبير الزمن الأمني المحدد لمعالجة المشكلة القائمة او الافتراضية.
و لحكامة تدبير الزمن هناك أدوات وتقنيات خاصة بتدبير و إدارة الأزمات وكيفية استخدام هذه الأدوات والامكانيات المتاحة للتدبير الجيد للزمن الأمني وفق مدد زمنية تتحكم في عمر المشكل، كأنظمة الإنذار المبكر ومقاربة محاكاة الأزمات والتطبيقات العملية طبقا للتوقعات و القيام باجراءات موازية لاستباق الكوارث وآثارها.
وعلى سبيل المثال تطبق المؤسسات معايير كمية مختلفة لتقييم الازمة الجامعية، كاعتماد منشورات هيئة التدريس والدوريات و الدرجات العلمية ونسب التعيين وعدد الطلاب والشراكات والحضور الاعلامي .. في حين قد يكون المشكل مالي او انتاجي أو ازمة نسق كلي او ازمة اكتساب فهم افضل لعمليات تفكير استراتيجي تقود الى الرقي بالتعليم العالي الى المستوى المطلوب.
ومع كل هذا يطرح مشكل تغييب الزمن الامني الذي لا تستشعره المؤسسات وتبقى الدورة الجامعية غير مستوعبة زمنيا ويخلق ذلك تراكمات لا تنتهي بل تخلق اضطرابا في العلاقة بين مكونات القطاع ككل ويصعب معه طرح المشكلة الحقيقية.
ان تدبير الزمن الأمني يختلف عن تدبير الزمن الاداري و الزمن السياسي من حيث منهجية مواجهة الأزمات، حيث هناك اختلاف من حيث التقنيات المستخدمة لإحكام تسخير الزمن الأمني، وحتى الزمن السياسي يدخل ضمن مقاربة تدبير نفس الزمن الأمني لكن الزمن السياسي يطيل عمر الأزمة ولا يهتم بحلها برؤية ومقاربة استعجالية.
ان الزمن السياسي الحكومي والبرلماني و الانتخابي يبقى دائما في قلب اللعبة السياسية، و العمل السياسي في حد ذاته يخلق أزمة ، بل وكل ازمة مرتبطة بالعمل السياسي تؤثر في السياسات العمومية، اضافة الى ازمة الالتقائية و التعاون الإنتاجي، والتقييمي بين السلط، وفي الوقت الذي تتعالى فيه مطالب تسريع الزمن السياسي بسبب الضغط الكبير من اسفل الهرم السكاني، هناك من يشكك في المرجعيات الأخلاقية والقانونية لدى السياسي في التعبير عن المصلحة العامة.
وللتطور التكنولوجي دور في ضبط الزمن الأمني عند مواجهة الأزمات لكونه يرفع من القدرات في الحد من المخاطر ويقلص مساحات انتشار الازمة، ويحيط بها بالتخطيط والتنظيم في مواجهة الاثار ويحقق التكامل بين السرعة والدقة في التدبير الزمني للأزمة.
ولتقييم الأولويات وإدارة المراحل الزمنية بشكل فعال ضمن استراتيجيات تدبير زمن الأزمات أمنيا، يجب ربط حكامة التدبير بحسن إدارة الزمن الامني، واستخدام التقنيات والأدوات المناسبة لمعالجة المشاكل، يفرض القيام بالتدريب والتطوير المهني والتعاون والتنسيق بين كل الجهات لمواجهة العقبات التي تعيق حل الأزمات او تطيل في عمرها، وتجاوز الضغوط الزمنية عند مباشرة التعقيدات المرتبطة بالوقت في حالة الطوارئ.

الدكتور احمد درداري
رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى