الطفل والهجرة : تساؤلات حول السياسات العمومية في المغرب

playstore

في صورة تعكس التباين الصارخ بين عالمين، يظهر مشهدٌ لرجل سلطة يتعامل بلباقة مع طفل صغير، لا يتجاوز عمره عشر سنوات، وهو طفل يطمح للهجرة غير النظامية. وفي مشهد آخر، يظهر الطفل نفسه وقد فضل الهجرة إلى أوروبا بدلاً من أن يكون في قاعات الدراسة. هذا التباين يثير تساؤلات جوهرية حول الأسباب التي تدفع طفلاً في هذا العمر إلى التفكير في الهجرة.

لماذا يفكر طفل في هذا العمر بالهجرة؟ وما هي الحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تدفعه إلى هذا التفكير؟ هذه التساؤلات تبرز الحاجة الملحة لفحص السياسات العمومية التي تؤثر على حياة الأفراد، وخاصة في ظل استعراض الحكومة لمشاريع كبرى تعتزم تنفيذها.

على الرغم من الاستعدادات لافتتاح مشاريع عملاقة، هناك رأسمال بشري يتطلب رعاية وتربية جيدة لتعزيز قيم المواطنة والانتماء للوطن. تتجلى المشكلة في تباين كبير بين المشاريع الكبرى والإجراءات الحكومية، حيث يظهر أثر السياسات العمومية في تراجع مؤشرات الثقة والحكامة، مما ينعكس سلباً على المصداقية السياسية للحكومة.

لقد تزامنت واقعة الطفل في الفنيدق في شمال المغرب مع فيضانات الجنوب الشرقي، بينما شهدنا احتفالات حزب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بانتصارات انتخابية، وهو ما يبرز الفجوة بين القضايا الكبرى والمعاناة اليومية للمواطنين. هذه الفجوة تعكس أن القادة السياسيين قد يكونون بعيدين عن واقع الناس، حيث يعاني المواطنون من أزمة اقتصادية واجتماعية شديدة، بينما يستمر القادة في التركيز على الانتصارات الشخصية والاحتفالات.

الصورة التي نراها هي جزء بسيط من معاناة المواطنين اليومية، حيث يتجلى غياب السياسيين الحقيقيين عن تقديم حلول ملموسة. فقد أصبح البرلمان المغربي مسرحاً للتصفيق دون تحقيق تقدم حقيقي في معالجة قضايا المواطنين. إن غياب الترافع الجاد والمواجهات الفعالة مع التحديات الحالية يظهر أن السياسات العمومية قد تكون غير كافية لمواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

على الرغم من الوعود الطموحة التي قدمتها الحكومة، يبدو أن هذه الوعود لم تصمد طويلاً بعد انتهاء فترة الحملة الانتخابية، حيث تستمر معاناة المواطنين وتزايد رغبتهم في الهجرة كخيار يائس لتحسين ظروفهم.

في ختام هذا التحليل، نتقدم بالشكر لقوات الأمن المغربية على تعاملها الإنساني مع الأوضاع الحالية، بينما يستمر رئيس الحكومة في نشر انتصاراته الانتخابية، ويستمتع فريقه بالاحتفالات. في الوقت ذاته، تظل معاناة المواطن المغربي قائمة، ويحتاج الأمر إلى إعادة النظر في السياسات العمومية لضمان تحسين فعلي لحياة المواطنين.

عبد الغفور الرحالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى