معتوه خلف الميكروفون وصحفي مهووس بالمشاهدات خلف الكاميرا !!!

playstore

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين

معتوه خلف الميكروفون : قديما قالوا من سلم احمقا مسدسا فهو قاتل ، وحديثا يتضح ان من سلم أحمقا ميكرفونا فهو قاتل ، غير ان الفرق بين الاول و الثاني ان الاول مادي و الثاني معنوي .

وقد يختلف معي البعض ،لكن الكثير من الدراسات اكدت ان الموت المادي هو موتة واحدة ،اما في حالة الموت المعنوي فهي موتة تتكرر .

شاب إختار مهنة صاحبة الجلالة ، وسميت بهذا الإسم لنبلها و علوها عن كل التشريعات باستقلاليتها .

شاب يمثل منبرا إعلاميا يحمل ميكرفون ، يجوب الشوارع والامكنة ويعطي للمواطنين الكلمة . ومؤكد ان هذا “الصحفي”, يقدر ان يميز بين مواطن عاقل ،وآخر معتوه ، و بين مشاهد بقيمة إجتماعية واخرى بلا قيمة سوى التشهير المجاني .

لكن مع الاسف ،” الصحفي “, و بحثا عن زيادة المشاهدات وجني الدولارات يجد ضالته في المعتوهين ولا يأبه للعقلاء ولا لميثاق الصحافة .

ومثل هذا السلوك يسمح بتمرير رسائل الى الناشئة و عموم المواطنين تمس معتقداتهم و تخل بمعايير القدوة عندهم ،

مشاهد وتصريحات معزولة تتحول الى صورة نمطية عن البلاد ،بطلها معتوه خلف الميكروفون وصحفي مهووس بالمشاهدة خلف الكاميرا .

مشهد سوريالي يصبح فيه من يطلب منه تعرية فساد المجتمع ،فيقوم بتعرية افراد المجتمع!!!

ومن يطلب منه توعية الناس عبر برامج هادفة تناقش و تحلل ، يتم اغراق المشهد الاعلامي بالتافهين .

لا يمكننا لوم دسيسة تدلي بتصريحات مسيئة لبلادنا و تدعي الفقر وتطلب الهجرة ، فتلك مهمة تقوم بها ، لكن إذا كان الصحفي لم يلاحظ ان الهاتف الذي بين يديها تفوق قيمته عشرة آلاف درهم ،وان اذنيها و اصبعا من يدها مزينين بالذهب !!!

بقليل من النزاهة الصحفية لا يمكن لصحفي ان ينقل صورة تضليلية للمجتمع وللعالم عبر أخد تصريحات تبدو للاعمى انها تخدم مخططا ما ،وهذا يجعل من الصحفي مساهما في المخطط ،إن لم يكن اهم خطة من خطط المخطط.

هنا يكون القتل المعنوي لمجتمع بكامله ،لقيمه و لصورته بالعالم .

فالصحفي قاتل ، و أكثر من قاتل ،هو جندي يحارب في صف الخصوم ضد بلاده و طنه .

نقل صور ولو صادمة ،لكنها حقيقية هو جزء من دور الصحافة لتعرية واقع يحتاج الى إصلاح . لكن ما ليس مقبولا هو نقل صوت غير حقيقية او ابطالها معتوهون فاقدي الأهلية وتقديمهم على انهم الصورة الحقيقية للمجتمع ، وهذا تدليس وتضليل وقتل عمد مع سبق الإصرار و الترصد .

كيف نخالف قانون الصحافة ونجري حوارات ونأخد تصريحات مع قاصرين دون حضور اولياء امورهم ، و نترك القاصر يطلق العنان للسانه يتحدث عن انسداد الآفاق والرغبة في الهجرة ، و الصحفي يعلم ان المكان الطبيعي لهذا الطفل هو المدرسة ،ورغم ذلك لا يستفسره عن دراسته ، وحتى إذا كان قد غادرها فهناك التكوين المهني .

لا يمكن ان يصدق عاقل ان هناك طفلا يريد الهجرة بسبب الغلاء ، او بسبب الحكرة ، او حتى بسبب غياب العمل ،

ولا يمكن ان يصدق عاقل ان هناك طفلا بالمغرب لا يجد مدرسة تستقبله في سن التمدرس ،

إذا ،لماذا هذا الطفل وقع في إغراءات القانون الإسباني الذي يحتفظ بالقاصرين ولا يعيدهم الى وطنهم الاصلي ؟

لماذا سيختار ان يكمل حياته في كنف اسرة غريبة بدل اسرته ؟

هل سيكون تحاملا منا القول ان اساس المشكل في حالة القاصرين ليس هي الدولة بشكل مباشر ولكن هو الأسرة والآباء والمحيط العائلي ؟

هل الأسر تريد التخلي عن اطفالها لعدم القدرة على تحمل الاعباء ،او للتخلص من الاعباء و التفرغ لأشياء اخرى ؟

المسؤولية اكيد مشتركة بين الاسرة و الدولة ، والقاصر هنا ضحية ، ضحية للجميع .

ضحية للمواطنين ،وضحية للدولة ، مواطنون عاجزون او متهاونون في اداء مسؤولياتهم ودولة لا توفر لهم الشروط الملائمة للقيام بمسؤولياتهم ، او توفرها بشكل غير كاف .

وكي تكتمل الصورة يأتي الصحفي لنقلها الى العالم بدون تمحيص او تدقيق ،او وازع مهني يميز بين العقلاء و المعتوهين

وهنا الاجيال هي من تدفع الضريبة .

فهل تعتبرون ؟

ما ينشر في أقلام حرة لا يمثل بالضرورة الخط التحريري للجريدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى