سياحة و سفر

نظام تأشيرات اليابان يفتح النقاش: هل آن الأوان لإصلاح رسوم الفيزا عالمياً؟

عمر قشمار

في خضم تجارب مريرة يواجهها الآلاف حول العالم مع أنظمة التأشيرة، برزت اليابان كنموذج يُحتذى به في احترام المتقدمين عبر آلية شفافة ومنصفة، حيث لا تُفرض رسوم التأشيرة إلا بعد القبول المبدئي للطلب.

هذا الأسلوب، وإن بدا بسيطاً، يعبّر عن احترام حقيقي لكرامة ووقت ومال المتقدم، ويدفع كثيرين إلى التساؤل: لماذا لا تُعمم هذه الممارسة على باقي دول العالم؟اليابان.. عدالة إدارية في ملف التأشيرةفي اليابان، لا يُطلب من المتقدمين لتأشيرة الدخول دفع أي رسوم ما لم يتم قبول طلبهم مبدئياً.

هذا النظام يخلق توازناً صحياً بين الإدارة والمواطن، ويحدّ من استغلال الرسوم المسبقة في ملفات قد تكون مرفوضة سلفاً.

المثير أن المتقدم يُبلَّغ مسبقاً إن كان ملفه مؤهلاً، قبل أن يُطلب منه دفع المستحقات، في ممارسة تستحق أن تُدرس دولياً كنموذج للعدالة الإدارية.نقمة الرسوم المسبقة.. وأصوات الغضب تتعالىفي المقابل، تعتمد غالبية دول العالم نظام دفع مسبق للرسوم، حتى وإن كان مصير الطلب هو الرفض.

ويشتكي كثير من المتقدمين من دفع مبالغ كبيرة وانتظار طويل، ليُفاجأوا في النهاية برفض الطلب دون توضيحات كافية.

“خلصت ما يعادل نصف شهر من الأجر، وانتظرت أكثر من 20 يوم، وفي الأخير قالوا لي مرفوض… بلا سبب واضح!”، يقول خالد.م، شاب مغربي تقدم بطلب تأشيرة سياحية لإحدى الدول الأوروبية.

ويضيف: “لو كان هناك احترام للمتقدم، يجب ألا يُطلب منك المال إلا إذا تأكدوا أن ملفك مقبول، كما تفعل اليابان”.

تصريحات رسمية ومعطيات صادمةفي تصريح سابق على قناة TV5، أكدت ساميرة ستيال، سفيرة المغرب في فرنسا، أن رسوم تأشيرة شنغن تُفرض حتى عند رفض الطلب، ووصفت هذه الممارسة بأنها تفتقر إلى الإنصاف المالي. كما لفتت إلى غياب مبررات واضحة في العديد من قرارات الرفض، رغم اكتمال الملفات.

أما على مستوى منظمات المجتمع المدني، فقد أطلق رئيس جمعية الدفاع عن حقوق المستهلك بالمغرب حملة لجمع شكاوى من مواطنين خسروا أموالاً في مساطر تأشيرة دون جدوى، مستهدفاً بالأساس شركات الوساطة كـ”VFS”.

وفي تقرير صادر عن “LAGO Collective”، تبين أن الاتحاد الأوروبي يجني سنوياً أكثر من 130 مليون يورو من رسوم تأشيرات شنغن غير المستردة، وُصفت بأنها “تحويلات عكسية” من الدول الفقيرة إلى أوروبا الغنية.

المغرب وحده أنفق قرابة 11 مليون يورو عام 2023 فقط على تأشيرات شِنغن تم رفضها، حسب معطيات مستقاة من تقارير قنصلية، ما يثير تساؤلات حول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لهذه الممارسات.

مقترحات وتوصيات متكررةأمام هذا الواقع، تتصاعد دعوات الخبراء والحقوقيين إلى إصلاح عاجل في نظام التأشيرات العالمي، وتشمل المقترحات:اعتماد نظام الدفع بعد القبول المبدئي.

إرجاع الرسوم في حالة الرفض.إلزام السفارات بتقديم مبررات مكتوبة للرفض.تعزيز الرقابة على شركات الوساطة ومنع التجاوزات.خاتمة: هل تنتقل العدالة من استثناء إلى قاعدة؟التجربة اليابانية لم تُثبت فقط أنها ممكنة، بل أثبتت أن احترام الإنسان لا يتطلب أكثر من إرادة سياسية وإدارية حقيقية.

في وقتٍ تتسابق فيه الدول لتحسين صورتها، قد تكون مراجعة أنظمة التأشيرة خطوة أولى نحو استعادة الثقة، والقطع مع منطق الربح الإداري على حساب البسطاء.

فهل تتحرك الدول لتعميم النموذج الياباني؟ أم سيظل شعار “الفيزا مقابل الرسوم” واقعاً لا مفر منه، حتى وإن لم يتحقق السفر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى