.هشام المكي يدخل على خط الرسائل السلبية للمسلسلات ويكتب “في الحاجة إلى إعلام مواطن”

هشام المكي (خبير في أخلاقيات الإعلام)

دعوت في مناسبات عديدة إلى إعلام مواطن، إلى إعلام يتميز بالاحترافية الفنية، ومع ذلك يمرر إشارات ذكية تعزز القيم ومعاني المواطنة دون أن تؤثر على جودة العمل الدرامي مثلا.. فأبطال الأفلام والمسلسلات مثلا، يجلسون في المقاهي، ويتجولون في الأسواق وغيرها من الأماكن؛ فماذا نخسر لو أضفنا مشهدا لبطل في مركز للتبرع بالدم، أو أثناء تقديم صدقة أو أثناء عمل جمعوي تطوعي أو أي عمل يعكس سمو الأخلاق وقيم المواطنة والوطنية.. أليست تلك المشاهد جزءا أيضا من الواقع الذي يتعين تثمينه وإبرازه؟ بدل مشهد التدخين الشره مثلا الذي يستبيح تمثلات المراهقين ولا يضيف في الغالب أي شيء للمكونات الفنية والدرامية للمشهد.. وبدلا عن هذا الطموح، يقدم مسلسل “كاينة ظروف” رسالة سلبية جدا من خلال وفاة إحدى شخصياته إثر تبرعها بكلية، وذلك عوض التشجيع على التبرع بالأعضاء، فالمسلسل سيثير مخاوف الفئة القليلة جدا التي قد تفكر بالتبرع بالأعضاء.. فأمام أكثر من 37 ألف مواطن يجري عمليات التصفية، بتعبها وتكاليفها، ونسب الوفايات، فإننا نحتاج فعلا للتبرع بالكلي لإنقاذ هؤلاء، خصوصا وأنه لم يسجل المغرب أي حالة وفاة إثر التبرع بالكلي..

نحتاج إلى تعميق الإحساس بالمسؤولية المجتمعية وبالمواطنة عند المشتغلين بالإنتاج الدرامي، ونحتاج إلى لجنة قراءة قبلية للسيناريوهات بمعايير قيمية ومواطناتية لتكريس هذا التوجه الإيجابي.

ومن باب الإنصاف، أثمن الإشارات الإيجابية العديدة التي تم تمريرها في سلسلة “عفاك أبابا” التي يقوم ببطلولته الممثل القدير رشيد الوالي، مسلسل يعكس صورا حقيقية للمجتمع المغربي بمفرداته وعلاقاته وتوازناته الاجتماعية، ويحترم الأسرة المغربية.