تعليممجتمع

شبكة شعبة الدراسات الإسلامية…خيبة أمل في قرار وزارة ميراوي واستنكار لرفض تدريس الثوابت الدينية

بيان للرأي العام الوطني

على إثر تناول بعض وسائل الإعلام للرسالة التي وجهتها الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بتاريخ 9 محرم 1445هـ الموافق لـ 27 يوليوز 2023م، والمتعلقة بالهندسة البيداغوجية للجذع الوطني المشترك لشعب الدراسات الإسلامية؛ تتوجه الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية إلى الرأي العام الوطني، وإلى الوسط العلمي الجامعي مؤسسات وأساتذة وطلبة، وإلى جميع من يهمه أمر التعليم العالي ببلدنا العزيز، بهذا البيان الذي تروم من خلاله توضيح الأسس المرجعية والبيداغوجية التي بنت عليها الشبكة موقفها ومقترحاتها بخصوص هذا الموضوع، إبراءً للذمة، وإشهادا للتاريخ، ودعوةَ لمن يعنيه أمر شعبة الدراسات الإسلامية ورسالتها المعرفية والتربوية إلى السعي لدى الوزارة الوصية لاعتماد الجذع الوطني المشترك الذي اتفقت عليه شعب الدراسات الإسلامية في جميع المؤسسات الجامعية، وأسست عليه طلبات اعتماد مسالكها.
مؤمنون بالإصلاح الجدي والواعي بوظائف شعبة الدراسات الإسلامية
لقد عبرت شعب الدراسات الإسلامية في كل المناسبات عن قناعتها بضرورة إصلاح التعليم الجامعي؛ وإعادة النظر في برامج التكوين ومناهجه بما يتوافق مع الوثائق المرجعية لإصلاح التعليم العالي، ومع طبيعة المرحلة الجامعية، ومع خصوصيات المجتمع المغربي وحاجاته، كما أعلنت استعدادها الكامل للإسهام بمقترحاتها في هذا المسعى بناء على خبرة أساتذتها ومن واقع التتبع والممارسة.
وعليه، فإن شعبة الدراسات الإسلامية، وهي تقدم تصورها لإصلاح الجذع الوطني المشترك، وتقترح مشاريع المسالك وفق عرض تربوي رصين ومتنوع، وبمسؤولية وطنية، لم تكن في أي وقت من الأوقات في موقع الرافض للإصلاح، ولكنها بالمقابل تعتبر عدم إشراك الأساتذة الممارسين في بناء رؤيته وصياغة تفاصيله إضرارا بمستقبل الجامعة المغربية، وتتقاسم هذا الموقف مع كل الشعب من جميع التخصصات.
إن أي إصلاح لشعبة الدراسات الإسلامية يجب أن ينطلق من معرفة بتاريخها ووظائفها التربوية والعلمية، وإسهاماتها الجليلة في نشر المعرفة العلمية الرصينة، الأصيلة في مشربها، والمنفتحة على سائر الحقول المعرفية بمبدأ التكامل الذي آمنت به واشتغلت عليه، كما ينبغي أن يُقِرّ بحاجة المجتمع المغربي إلى خريجي هذه الشعبة الذين ما فتئوا يشغلون وظائف عديدة في شتى المواقع الرسمية والمدنية داخل المغرب وخارجه.
أما محاولة التضييق على الشعبة بشحن الوعاء الزمني لجذعها الوطني المشترك بوحدات متعددة من تخصص آخر لا تحتاج إليه أكثر من حاجتها إلى غيره، أو بطمس هويتها المعرفية بحذفها من لائحة التخصصات التي أرفقتها الوزارة بالضوابط البيداغوجية لسلك الدكتوراه، فليس إصلاحا بل هو أقرب إلى إقصاء لا تُعرف دوافعه ولا تُؤمن عواقبه.

أسس رؤية شبكة شعب الدراسات الإسلامية لإصلاح سلك الإجازة
وأهم التعديلات التي أدخلتها على الجذع الوطني المشترك.
إن رؤية شبكة شعب الدراسات الإسلامية لإصلاح سلك الإجازة تنضبط انضباطا تاما للخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، 2017-2030، وتنبني على مرتكزاتها، وفي مقدمتها تنفيذ التعليمات الملكية السامية الموجهة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، وتنزيل أسس ورافعات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، وتتأسس على مبادئها الموجهة، وفي صدارتها الثوابت الدستورية للأمة المغربية المتمثلة في الدين الإسلامي الحنيف، والوحدة الوطنية، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي، والهوية المغربية الموحدة والمتعددة المكونات والغنية الروافد والمنفتحة على العالم، المبنية على الاعتدال والتسامح وترسيخ القيم وتقوية الانتماء، والحوار بين الثقافات والحضارات.
إننا في الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية، وبعد تدارس مستجدات الإصلاح البيداغوجي قيد التنزيل، والاطلاع على الجذع الوطني المشترك الذي توصلنا به من الوزارة عبر مؤسساتنا الجامعية سجلنا ما يلي:
 غياب المنهجية التشاركية في تدبير الإصلاح برمته، والدليل على ذلك أن الوزارة، وعلى خلاف ما جرت به العادة في مشاريع الإصلاح التي عرفتها الجامعة سابقا، لم تستشر شعب الدراسات الإسلامية في أي خطوة من خطوات إعداد وثائق الإصلاح المتعلقة بهذه الشعب، خاصة منها ما يتعلق بالجذع الوطني المشترك.
 كثرة نماذج الجذوع الوطنية المشتركة التي أصدرتها الوزارة، والتي انتهت إلى إفراغ ضابط مد الجسور بين التخصصات من قيمته البيداغوجية، والاهتمام الكبير بتلقين اللغات والمهارات التكميلية على حساب الوعاء الزمني المخصص للوحدات المعرفية التخصصية.
وعلى الرغم من ذلك، ومن موقف الشعبة من الطريقة التي اعتمدتها الوزارة في تنزيل مشروعها، وهو الموقف الذي أعلنت عنه الشعبة في بيان شبكتها الوطنية بتاريخ 22 رمضان 1444هـ الموافق لـ 13 أبريل 2023م؛ فقد استجابت الشعبة في كل المؤسسات الجامعية لداعي الضمير المهني والمسؤولية الوظيفية، وتجاوبت مع المذكرة الوزارية المؤرخة في 03 أبريل 2023، عدد 310/01، في موضوع تقديم طلبات اعتماد وتجديد اعتماد مسالك التكوين برسم دورة التقييم 2023؛ حيث عقدت الشبكة الوطنية لرؤساء ومنسقي شعب الدراسات الإسلامية سلسلة من اللقاءات لدراسة الهندسة البيداغوجية التي أعدتها الوزارة للجذع الوطني المشترك، وانتهت إلى عدد من الملاحظات المؤثرة في جودة التكوين، ومن أهمها:
 ـ غياب الانسجام بين الوحدات، وقصور كبير في وصف مضامينها، وعدم التمييز بينها في الكفايات المطلوبة والأهداف المرجوة.
 ـ ضيق الوعاء الزمني المخصص للمواد المعرفية الأساسية في التخصص، كوحدات علوم القرآن وعلوم الحديث وأصول الفقه، وغيرها.
 التركيز في الانفتاح على مكون معين في ثلاث وحدات متعاقبة، في مقابل إغفال مكونات أكثر أهمية في تكوين طالب الدراسات الإسلامية، سواء من جهة حضورها في مناهج تلقي وحدات التخصص، أو من جهة تنزيل التوجهات الوطنية المؤطرة.
ولأجل تصحيح هذه الاختلالات، شكلت الشبكة لجانا موضوعاتية، اشتغلت على تحديد الوحدات المعرفية الضرورية، وضبط عناوينها وتجديد مضامينها وتجويدها، وترتيبها لتتناسب مع مبدأ التدرج في التكوين، وخلصت بعد نقاش عميق ومسؤول إلى التوافق على جذع وطني مشترك، ينبني على مبدأين أساسيين:
1 ـ إضفاء القيمة اللازمة على معرفة الثوابت الدينية والوطنية وتَمَثُّلِ الهوية الوطنية والاعتزاز بها؛ حيث أجمعت الشُّعب وطنيا على تخصيص وحدة معرفية لدراسة الثوابت الدينية الوطنية في الفصل الأول ليتمثل الطالب هذه الثوابت بأدلتها، ويتحقق من وجاهتها، ولتكون معيار انفتاحه على الآراء المختلفة في بقية مراحل الدراسة. كما عَدَّلت وحدة “الحركات الإصلاحية” إلى “الفكر الإصلاحي في المدرسة المغربية” لغناء التجربة المغربية وكفايتها في التكوين في هذه المرحلة.
2 ـ مراعاة القدرات والكفايات الطلابية اللازمة، والتأسيس لعرض بيداغوجي متنوع ومتماسك في الفصلين الخامس والسادس، مع المحافظة على الهوية العلمية للشعبة وطبيعة تخصصها ووظائفها.
وينبغي التأكيد على أن هذه التعديلات على عمقها وقيمتها، تبقى محدودة ضمن هندسة الجذع الوطني المشترك الذي صاغته الوزارة الوصية، وتشكل قيمة مضافة لا يستقيم إغفالها لأهميتها، ولأنها لا تحدث خللا في البنية الرئيسة للجذع الوطني المشترك للوزارة، وتُبقي على الانفتاح الضروري على تخصصات أخرى.
خيبة أمل في قرار الوزارة ومفارقات في منهج اعتماد مسالك الإجازة
بناءً على ما انتهت إليه الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية في لقاءاتها من تعديلات، وضعت الشبكة مقترحها لدى مصالح الوزارة مع رسالة معللة بتاريخ 18 ماي 2023، كما ضمَّنت الشُّعب على صعيد المؤسسات الجامعية الصيغةَ المتوافقَ بشأنها في طلباتها لاعتماد مشاريع المسالك، ووافقت عليها عدد من الجامعات في لجانها ومجالسها، وأشرت عليها رئاساتها.
إلا أن الوسط الجامعي فوجئ بقرار الوزارة القاضي بقبول مشاريع المسالك المقترحة مع التنصيص على وجوب التقيد بالجذع الوطني المشترك الذي قررته الوزارة ابتداءً، وهو ما يعني رفضا للتعديلات المقترحة من قِبَل الشبكة، واستهانة بالجهد المعنوي والعلمي الذي بذله السادة الأساتذة الخبراء المتخصصون، وضربا لمبدأ التشاركية الذي تأسس عليه الإصلاح.
ولم تخل قرارات الاعتماد من مفارقات منهجية وبنيوية غريبة؛ فبينما اعتمدت الوزارة جميع المسالك المقترحة، رفضت الجذع الوطني المشترك المعدل الذي بنيت عليه تلك المسالك، فكيف يستقيم اعتماد المسالك مع عدم مراعاة بنائها على معارف تضمنها الجذع الوطني المشترك وألغتها الوزارة؟

مناشدة ورجاء
ما يزال الرجاء قائما في أن تبصر الوزارة الوصية مآلات منهجيتها في التعامل مع شعبة الدراسات الإسلامية وتراجع قراراتها بشأنها، وذلك باعتماد الجذع الوطني المشترك كما عدّلته الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية، وتعممه على جميع الجامعات، وتعيد للشعبة اعتبارها ومكانتها بين التخصصات في مستوى الدكتوراه.
وبخلاف ذلك، فليشهد التاريخ أن شعبة الدراسات الإسلامية، وانطلاقا من وطنية أساتذتها، وتحملهم لمسؤوليتهم البيداغوجية ورسالتهم التربوية، قد فهمت مقاصد المشروع المجتمعي الذي يبنيه جلالة الملك نصره الله، والمنهج الإصلاحي الذي يدعو إليه في خطبه وتوجيهاته، والذي أكد ـ حفظه الله ـ أسسه بشكل لا يقبل التأويل في الخطاب الملكي التاريخي الذي ألقاه جلالته بمناسبة عيد العرش المجيد يوم 29 يوليوز 2023. فالشعبة سعت إلى إعطاء الثوابت الوطنية مكانتها ومحلها في منهج التكوين الجامعي، وراجعت الوحدات المعرفية عناوين ومضامين بما يجيب عن أسئلة الجدية والجودة والنجاعة، ويستجيب لحاجة المجتمع المغربي إلى أطر ذات كفاءة في مجال اختصاصها، بينما رفضت الوزارة الوصية ما سعت إليه الشعبة.
هذا، وستبقى شعبة الدراسات الإسلامية وفية لمبادئها، ومتشبثة بمقترحها، تدافع عن رسالتها النبيلة، وتنخرط في كل إصلاح يحترم الثوابت، ويخدم المصالح العليا للبلاد.
الشبكة الوطنية لشعب الدراسات الإسلامية في الجامعات المغربية
الثلاثاء 28 محرم 1445ه الموافق لـ 15 غشت 2023م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى