إحياء مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق : تحديات وآفاق جديدة
عاد مشروع النفق البحري الذي يربط المغرب بإسبانيا عبر مضيق جبل طارق إلى الواجهة كخطوة تاريخية تهدف إلى تحقيق اتصال مباشر بين أوروبا وإفريقيا. جاء ذلك بعد تحسن ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مما أسهم في إحياء هذا المشروع الطموح.
تم مؤخرًا توقيع عقد لاقتناء أجهزة قياس زلزالية بحرية، تُعد خطوة حاسمة لاستكمال الدراسات الجيولوجية الضرورية. وستُستخدم هذه الأجهزة الحديثة، التي استأجرتها الشركة المشرفة على المشروع لمدة ستة أشهر مقابل 486 ألف يورو، في إجراء دراسات زلزالية وجيولوجية جديدة في منطقة المضيق.
ستقوم السفينة العلمية “Capitán de Navío Manuel Catalán Morollón” بتنفيذ هذه الأبحاث بهدف تحديث البيانات المتعلقة بالنشاط الزلزالي في المنطقة. وتُظهر الدراسات السابقة أن المضيق يشهد زلازل تفوق قوتها 4 درجات وتقع على أعماق تزيد عن 40 كيلومترًا، مما يشكل تحديًا كبيرًا أمام إنشاء النفق.
يُعَدُّ التركيب الجيولوجي للمضيق أحد أبرز التحديات، حيث تتقاطع الصفائح التكتونية الأوروبية والأفريقية، ما يزيد من احتمالية النشاط الزلزالي ويُعقِّد عمليات البناء. ومن المتوقع أن تُقيِّم الدراسات الجديدة تأثير هذه الظروف الجيولوجية وتقترح حلولًا مبتكرة لضمان سلامة المشروع.
على صعيد آخر، تُعتبر التكلفة المالية الباهظة من أبرز العقبات التي تواجه المشروع، إذ تُقدَّر بأكثر من 26 مليار يورو، مما يجعله واحدًا من أغلى مشاريع البنية التحتية في العالم. ورغم أن هذه التكلفة كانت سببًا في تأجيل المشروع سابقًا، فإن الآمال معقودة على الإرادة السياسية والمنافع الاقتصادية المرتقبة لتجاوز هذه العقبة.
في حال تنفيذ المشروع، سيُمثِّل إنجازًا هندسيًا غير مسبوق ورمزًا للتعاون بين القارتين. كما يُتوقع أن يُسهِم النفق في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين أوروبا وإفريقيا، ويفتح آفاقًا جديدة للتكامل القاري. ومع ذلك، يبقى تحقيق هذا الحلم مرهونًا بمزيد من الدراسات والاتفاقيات والتمويلات ليصبح واقعًا ملموسًا.