الانتصار الدبلوماسي المغربي الهادئ على نظام العسكر الجزائري المزعج

ليعلم أهل العلم والمختصين في أدب السلوك في سياسة الملوك بالمغرب ان سر امتداد المغرب التاريخيّ ينبني على أسرار لا يفهمها أغلب السياسيون المعاصرون، لأنهم فاقدين للاطلاع و للحكمة والتبصر التي تجني ثمار الانتصار على المشاكل والأزمات.
فالساحة الدولية كلها منزلقات و مشاكل معقدة، لا تستطيع الدول الكبرى نفسها حسمها بالقوة رغم الامكانيات المتوفرة لديها، لذا يبقى جزء مهم في العلاقات الدولية مبهم ولا يدرس في الجامعات، وقد يكون من وراء تجاهله الكثير من المعاناة التي قد تصل إلى خسران الصداقات والمصالح.
إن الذكاء السياسي يعكسه التوازن مع الذات ومع البيئة المحيطة، وطريقة التجاوب مع الأزمات التي تنتجها البيئة الخارجية، تمثل امتحان الفصل بين جلب التأييد أو النفور، بل ان منهجية طرح الملفات تنم عن هوية المدرسة السياسية للبلد التي تظهر حجم الحقد والعداء تجاه الدول المتخلفة وسوء الظن بالدول المتقدمة، مما يدفع الدولة إلى البقاء في دوامة الفساد الداخلي واثارة النعرات على المستوى الخارجي.
فهناك فرق شاسع بين مد جسور التعاون والتضامن مع الدول وبين الاحتكام إلى التبعية وتقديم العون بالمقابل، مثل التمييز بين الإنسان الناضج والمراهق او الراشد والمتهور أو العاقل والاحمق.فالمغرب بلد يمتد تاريخيا بناء على تراكمات دبلوماسية حافلة بالمواقف المتوازنة والذكية التي تمثل قواعد معاملات وتفاهمات ترتكز عليها الدول في النظر إلى مكانة المملكة المغربية وقيمتها الاستراتيجية.
إن مد الشعب البريطاني بالكهرباء في أفق 2030، و مد إسبانيا بالكهرباء فورا، عند انقطاعه عن الشعب الإسباني، والمشاركة في إطفاء الحرائق التي أتت على ممتلكات الشعب الامريكي بلوس أنجلس، وارسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني، ….الخ، والدفاع عن السلام العالمي، كلها تدل على أن الملكية في المغرب ملكية الشعوب، بطابع الإنسانية، والتضامن، والسلام والاستقرار.
بينما في المقابل نجد التلويح بالقوة، وإهانة الدول كما حدث مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يدفع الشعوب إلى تغيير نظرتها الايجابية تجاه الجارة الشرقية، والمطالبة بقطع العلاقات مع من يرفع شعار العداء والمغامرة التي كلها ستلحق الشرور و الأذى بالشعب الجزائري البريئ. فالتعاون العربي والأفريقي والدولي مضطرب والاتحاد المغاربي مشروع معطل بسبب تعنت نظام العسكر الجزائري، الذي لا يعرف سوى الترويج للأكاذيب والهروب من الواقع وتجاوز الحدود المسموح بها للحفاظ على ماء غسل الوجه بين الأمم والشعوب.
وفي خطاب العرش في الذكرى 26 أكد من خلاله جلالة الملك على ثبات القيم الملكية الراسخة والتي تفردت بها المملكة وجعلت المغرب محج التسامح الإنساني والتعايش الحضاري والتضامن في الأزمات والسلام العالمي والأمن المستدام.
وبذلك أشهد جلالة الملك العالم على عمق الروابط بين الشعبين الجزائري والمغربي مذكرا بالأولويات لديه، و مد يده مرة أخرى لنظام العسكر لكي لا يتذرع بأية حجة لإفراغ أزماته وتصدير مشاكله على حساب المغرب.