أخبار متنوعة

رفع الحد الأدنى للأجور.. خطوة محدودة في وجه واقع أكثر تعقيدًا

قررت الحكومة المغربية، في إطار الحوار الاجتماعي، الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3045 درهم شهريًا في القطاع الصناعي والخدماتي، و93.4 درهمًا كأجر يومي في القطاع الفلاحي.

الإعلان جاء على وقع انتظارات كبيرة من طرف الطبقة العاملة، التي ما فتئت تطالب بتحسين أوضاعها في ظل سياق اقتصادي ضاغط، تتزايد فيه أسعار المواد الأساسية، وتستفحل فيه مظاهر الهشاشة.

لكن، وعلى الرغم من الطابع الإيجابي لهذا القرار في ظاهره، إلا أنه لا يخلو من مفارقات صارخة تثير الكثير من علامات الاستفهام.

فهل يكفي هذا الرفع الطفيف للأجور لمجاراة الغلاء الذي أنهك الأسر المغربية؟ وهل يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية في ظل استمرار التمييز بين العامل في المصنع والعامل في الحقل؟

بالأرقام، لا تتجاوز الزيادة في الأجر الصناعي والخدماتي 400 درهم، وهي زيادة سرعان ما تذوب أمام ارتفاع الأسعار، سواء تعلق الأمر بالكراء أو المواد الغذائية أو النقل.

أما في القطاع الفلاحي، فالوضع أكثر تعقيدًا.

فالحد الأدنى اليومي لا يزال أقل من نظيره في القطاعات الأخرى، وكأن الأمر يتعلق بعامل من درجة ثانية، رغم أن الفلاحة تشكّل أحد ركائز الاقتصاد الوطني، وتشغّل شريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا في العالم القروي.المشكلة لا تتعلق فقط بضعف الأجر، بل أيضًا بصعوبة تطبيقه في الواقع.

فعدد كبير من العمال، خاصة في القطاع غير المهيكل، لا يستفيدون أصلًا من الحد الأدنى، سواء في الأجر أو في الحماية الاجتماعية.

وهذا يجعل من القرارات الحكومية، مهما كانت نواياها، مجرّد إجراءات شكلية ما لم تواكبها آليات صارمة للرقابة والزجر.

من جهة أخرى، يُلاحظ أن طريقة تعاطي الحكومة مع ملف الأجور ما تزال محكومة بمنطق الترضيات الظرفية أكثر مما هي نابعة من رؤية استراتيجية متكاملة.

فالزيادات تأتي متفرقة، دون ربطها بتحليل دقيق لتكاليف المعيشة أو بمؤشرات موضوعية تضمن العيش الكريم.

اليوم، لم يعد كافيًا إعلان رقم جديد للحد الأدنى للأجور، بل المطلوب هو مراجعة شاملة لمنظومة الأجور في البلاد، على أساس مبادئ المساواة والكرامة الاجتماعية وربط الأجر بكلفة الحياة الواقعية، لا بخطاب سياسي مرحلي.

بعبارة أوضح: رفع الأجور يجب ألا يكون مجرد عنوان بلاغ حكومي، بل التزامًا صادقًا بإعادة الاعتبار للعامل المغربي، سواء كان في المصنع أو في الحقل، في المدينة أو في القرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى