أخبار متنوعة

سعيد أمزازي والي جهة سوس ماسة.. حين تُقاوم الزبونية بدفتر تحملات

في وطن مزّقه شعار “ندوزلك الصفقة ولكن صبعي تما”، مغربُنا الذي دُفنت فيه المصلحة العامة تحت الطاولة في واقعٍ سودته الزبونية والمحسوبية، يخرج بصيصٌ من نور على يد والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي، تمثّل في بادرةٍ تبدو بسيطة في شكلها، لكنها عميقة من ناحية الجوهر: وضع خطة شفافة تتضمن دفترَ تحملات جديدًا لتدبير الفضاءات العامة كالشواطئ، قاطعًا الطريق أمام السباحة في وحل فساد الصفقات العمومية.

فبفعل هذه الخطوة الجريئة، تمّ منع توزيع شاطئ أكادير على العائلات السياسية وما جاورها، حيث أصبح المعيار هو دفتر التحملات في منافسة شريفة بين الجميع، تعتمد على الجودة في تقديم الخدمة، وليس على “باك صاحبي وصاني عليك” أو “عندي خلتي فالعرس”.

لكن، رغم المبادرة التي يُحترم عليها كثيرًا والي جهة سوس ماسة، هل يمكن أن نعتبرها نهاية عصر “الدنيا بالوجوه والآخرة بالزراوط” وبداية نموذج محلي يصيب بالعدوى باقي جهات المملكة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه نموذجًا استثنائيًا في بحر من الريع الإداري والفساد السياسي؟من البديهي أن أي محلل اقتصادي أو سياسي لن يمنح إجابة سهلة، فالإستراتيجية الجديدة التي وضعها أمزازي من أجل ضمان الشفافية وحقوق الأفراد عامةً في التنافس الشريف، ما تزال مقتصرة فقط على مجال جغرافي واحد، هو جهة سوس ماسة.

ولا نلمس أي نية في الاقتداء بسعيد أمزازي من طرف ولاة الجهات الأخرى، والسير على المسار الذي سار عليه، حيث إن شواطئ الجهات الأخرى والأماكن العمومية تُدار بنظام “المفيد والنافع”، لا “الصالح والعادل”.

كما أن الخطير في الأمر أن ثقافة الزبونية والمحسوبية لم تعد تقتصر على توزيع العقود، بل أصبحت تتحكم في توزيع الفضاء العمومي نفسه، حيث يُمنح الشاطئ أو السوق أو حتى الرصيف، لمن يستحق سياسيًا، لا قانونيًا.

وفي هذه البركة الآسنة، تصبح مبادرة أمزازي أشبه بثورة هادئة، أو بذرة مقاومة لنظام الريع الإداري، ثورة لا ترفع شعارات أو مواقف، ولكن تقطع القوت عن الزبونية والمحسوبية، قوت الوسطاء وانعدام المساءلة.

هذه الشفافية التي اعتمدها والي جهة سوس ماسة كسرت سلسلة الولاء، وعوّضت دفتر الهواتف بدفتر التحملات.

وحتى لا يذهب جهد أمزازي سدى، يجب التحلّي بالإرادة السياسية، وجعل عيون الإعلام والمجتمع لا تنام، مع حصانة قضائية لا تساوم.

إن مغربَنا الغالي لا يطلب المعجزات، بل شروطًا مُعلنة لكل من يرغب في استغلال جزء من ثروات البلد. وإذا انطلق سعيد أمزازي من الشواطئ في جهة سوس ماسة، فليظهر فارس آخر في جهة من جهات المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى