أخبار متنوعة

الفصل الأول يُطوى في الرباط: 15 سنة سجناً لهشام جيراندو بتهمة الإرهاب والتحريض على القتل… والفصل الثاني ينتظر كندا

في تطور قضائي حاسم، أسدلت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الرباط، يوم الخميس 8 ماي 2025، الستار على الفصل الأول من محاكمة هشام جيراندو، بإدانته غيابياً بالسجن النافذ لمدة 15 سنة، بتهم خطيرة تتعلق بـالتحريض على القتل وتكوين اتفاق إرهابي، وهي تهم جاءت على خلفية شكاية تقدّم بها القاضي والوكيل العام السابق، نجيم بنسامي، بعد تلقيه تهديدات صريحة بالقتل والتصفية الجسدية.

القضية التي هزت الرأي العام، كشفت الوجه المظلم لهشام جيراندو، الذي لم يعد يُعرف فقط كمدان سابق في قضايا النصب والابتزاز، بل أصبح يُصنّف قانونيًا ضمن خانة المتورطين في قضايا الإرهاب، بعدما تبنّى خطابًا تحريضيًا متطرفًا، ودعا علنًا إلى القتل والتمثيل بالجثث، مستخدمًا وسائط التواصل الاجتماعي كمنصة لبث التهديد والتكفير، واستهداف مسؤولي الدولة المغربية.

تحريض علني وتهديد صريح

التحقيقات القضائية، المدعومة بمراسلات رقمية ووثائق تهديد، كشفت عن محتوى خطير صاغه جيراندو وعمّمه عبر الإنترنت، يدعو فيه إلى “إعدام نجيم بنسامي، وإحيائه ثم إعادة قتله، مع التمثيل بجثته وتصفية أسرته”. تلك الدعوة التي جاءت في سياق حملة ممنهجة من التحريض، استندت إلى خلفية القاضي في التحقيق في أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، واتهامه بإيداع متطرفين السجن، ما جعله هدفًا مباشرًا لمن يحملون أفكارًا متشددة.

ولم يتوقف التحريض عند الخطاب، بل تلاه تلقٍ مباشر من تنظيمات متطرفة، قامت بإرسال رسائل تهديد للقاضي السابق، ما اعتبرته المحكمة دليلاً على العلاقة السببية بين تحريض جيراندو والتهديدات الإرهابية التي توصل بها بنسامي.

“جهاد اللسان” على الطريقة الداعشية

استندت المحكمة في حكمها إلى مواد قانون مكافحة الإرهاب، واعتبرت أن أفعال جيراندو تتطابق مع ما يُعرف في أدبيات التنظيمات الإرهابية بمصطلح “جهاد اللسان”، أي التحريض على العنف والتصفية المعنوية عبر الوسائط الرقمية، وهو شكل من أشكال التعبئة الخطيرة التي تسبق التنفيذ الميداني.

كندا على المحك

غير أن ما صدر في المغرب لا يشكل سوى الفصل الأول من مسار قضائي معقّد، إذ تستمر الملاحقة القضائية في كندا، حيث يقيم جيراندو بصفته مهاجراً يحمل الجنسية الكندية. وقد بادر القاضي السابق نجيم بنسامي إلى ملاحقة جيراندو قضائيًا أمام العدالة الكندية، في خطوة تهدف إلى تفعيل القوانين المحلية التي تجرّم التحريض والإرهاب، خصوصًا إذا ثبت أن التهديدات الصادرة من داخل التراب الكندي كانت لها تبعات واقعية على حياة وسلامة المستهدف.

بين العدالة والإفلات من العقاب

وبينما ينتظر المغرب تفعيل الآليات القانونية للتعاون القضائي مع كندا، تظل القضية اختبارًا لمدى التزام أوتاوا بتطبيق قوانينها الخاصة بمحاربة الإرهاب ومنع استخدام أراضيها في أنشطة تهدد شركاءها الدوليين، خصوصًا أن جيراندو أُدين بقضايا ذات طابع إرهابي، ويمارس أنشطة دعائية تنطوي على تحريض علني.

خلاصة

قضية هشام جيراندو لم تعد مجرّد ملف جنائي، بل تحوّلت إلى قضية سيادة وأمن وكرامة مؤسسات، تُبرز كيف يمكن لشخص أن يحوّل فضاء رقمياً إلى منصة تخريبية، محتميًا بجواز سفر أجنبي، ومتستراً خلف شعارات “حرية التعبير”.
الحكم المغربي كان حازماً، أما العدالة الكندية، فهي الآن أمام امتحان حقيقي: إما إغلاق هذا الملف بمحاكمة عادلة، أو الإبقاء على ثغرة قانونية تُستغل ضد أمن الدول والشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى