من السنغال إلى فاس: أناشيد المريدية تسافر بالموسيقى نحو “التسامح والتقارب بين الشعوب”

شاركت السنغال في الدورة الـ28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، من خلال تسليط الضوء على الغنى الروحي والفني للطريقة المريدية، في روح من الحوار بين الثقافات والتلاقح بين التقاليد الصوفية.
وتوخت هذه المشاركة، التي تميزت بعرض غير مسبوق، التعريف بالعالم الموسيقي الخاص بهذه الطريقة السنغالية الرمزية، المعروفة بأناشيدها التعبدية وعمقها الروحي الكبير.
خودية دياني، مديرة الفنون بوزارة الشباب والرياضة والثقافة السنغالية، قالت: “من خلال المشاركة في مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، أردنا أن نقدم شيئا مختلفا”.
وأضافت دياني في تصريح صحافي: “ندرك أن فاس تشكل مركزا مهما للطرق مثل القادرية والتيجانية. وفي السنغال نحن محظوظون أيضا بوجود طرق صوفية كبرى عديدة. وقد اخترنا هذه السنة تسليط الضوء على الطريقة المريدية، لنعرف بها ونبرز أوجه التشابه ونقاط التلاقي الممكنة بين روحانياتنا”.
وترتكز الموسيقى المريدية، المرتبطة ارتباطا وثيقا بتعاليم الشيخ أحمدو بمبا، مؤسس الطريقة، على “القصائد”؛ وهي أشعار دينية مغناة تؤدى بإيقاع متكرر يساعد على التأمل والارتقاء الروحي.
وأوضحت مديرة الفنون بوزارة الشباب والرياضة والثقافة السنغالية أن هذه المشاركة تأتي في إطار موضوع هذه الدورة من المهرجان، المتمثل في “انبعاثات”، في انسجام مع الروح الصوفية الداعية إلى التسامح والسلام والتقارب بين الشعوب، لافتة إلى أنه “كان من المهم بالنسبة لنا، في السنغال، أن نقدم هذا المقترح ونبدع بطريقتنا الخاصة خلال مشاركتنا في المهرجان”.
من جهته، أعرب المغني السنغالي أحمدو بمبا نداو، الذي شارك في هذا العرض، عن “فخره” بالمشاركة في هذه النسخة.
وقال نداو: “نحن ممتنون جدا لحسن الاستقبال والضيافة والثقافة الغنية التي وجدناها هنا في المغرب”، مبرزا أن “هذا المهرجان أتاح لنا اكتشاف أشكال أخرى من التعبير الروحي، واللقاء مع فنانين مغاربة وابتكار أناشيد مشتركة معهم. لقد كانت تجربة فريدة من نوعها”.
وختم بالقول: “هذا بالتحديد هو روح مهرجان فاس، المتمثل في تمكين الثقافات المختلفة من الالتقاء والتحاور ونسج الروابط من خلال الموسيقى”.
ومنذ تأسيسه، فرض مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة مكانته كملتقى دولي للحوار الروحي والفني، حيث تلتقي التقاليد من مختلف أنحاء العالم في سعي مشترك نحو الانسجام والسمو.
وتجمع نسخة 2025 من هذا الحدث العالمي الاستثنائي، المنظم تحت رعاية الملك محمد السادس، والذي يشكل جسرا حقيقيا بين الثقافات والديانات، أزيد من 200 فنان من 15 بلدا، استمرارا لروح مدينة فاس باعتبارها حاضرة تاريخية كانت على مر الدوام ملتقى للمعرفة والروحانية.