هروب بطعم اليأس وحكومة أخنوش في قفص الاتهام


أمينة أوسعيد

هروب بطعم اليأس : إذا فكّكنا المشاهد القادمة من مدينة الفنيدق، والتي تناقلتها وسائل الإعلام الوطنية وحتى العالمية، وامتزجت فيها دموع نساء قهرهن الفقر بشكوى شباب يموتون “عرق بعرق” إلى جانب أمهاتهم دون عمل ودون أفق واضح لحياتهم التي اختاروا أن يقدموها قربانا للبحر، من أجل تحقيق أحلام تنبت في المغرب ولا تتحقق إلا على ضفاف الغرب البراق، سنجد أنفسنا أمام واقع محزن لا يمكن تجاوزه ببساطة أو اعتبار الأمر مجرد حادثة معزولة ستتصدى لها الدولة بمزيد من الحزم وإنزال قوات أمنية لحماية الحدود من تكرار مثل هذا الاختراق غير المسبوق.. أو الاستكانة إلى ما ذهب إليه بعض المحللين بضرورة سن المزيد من القوانين الزجرية على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، التي وجد فيها المواطن ملاذا لبث شكواه والاتفاق على مكان وزمانٍ موحد لهجرةٍ كانت بالأمس القريب سرية تُقْذف فيها القوارب في بحر لجي والناس نيام.. إذ تتحوّل يوم 15 شتنبر إلى هجرة علينة تم الدعوة إليها عبر منصات التواصل الاجتماعي أياما قبل اليوم المشهود لتحقيق الحلم الموعود.. هل هذا هو الحل؟! هل يحتاج شبابنا إلى مزيد من التضييق على آرائه وقمعه إلكترونيا أيضا؟!
لفهم فسيفساء هذا المشهد الضبابي علينا الرجوع إلى الإحصائيات التي أفرجت عنها المندوبية السامية للتخطيط، حيث إن ربع المغاربة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 24 سنة لا يدرسون ولا يشتغلون وغير مسجلين في أي تكوين مهني، ناهيك عن معدل البطالة الذي قفز إلى 13.7% في بداية السنة الجارية. هذه الأرقام كافية لفهم خطاب شباب سكن اليأس أيامهم وجعلهم سجناء وطن لم يقدم لهم أي خيار يثنيهم عن الهجرة.
ما وقع قد وقع، ولا يمكن تغييره أو حذفه من ذاكرة تاريخ المغرب الحديث، كما لا يمكن القفز عليه.. فنحن هنا لسنا بصدد دراسة سوسيولوجية لظاهرة مجتمعية بحثة انبثقت على حين غرة وفي غفلة من الجميع.. نحن أمام واقع بئيس تشم رائحته على بعد أميال، وتراه في الشهادات التي استقتها مختلف المنابر الإعلامية لمجموعة من الشباب والشابات.. ما جرى نتيجة تراكمات تدحرجت من رأس الجبل لتصبح اليوم قنبلة موقوتة في صدور هؤلاء المواطنين الذين تساوت لديهم الحياة والموت في نفس الكفة. ما حصل يسائل السياسة العمومية للبلاد، ويضع حكومة أخنوش في موقف محرج عجزت فيه عن الوفاء بوعودها للمواطن المغربي ومقاربة التحديات الاجتماعية بخطة محكمة تجنّب أبناء الوطن الموت بهذه الطريقة المفجعة عوض البحث عن سفاسف وهمية لتعلق عليها أسباب هذه الهجرة العلنية.

ما ينشر في أقلام حرة لا يمثل بالضرورة الخط التحريري للجريدة

Exit mobile version