ندوة صحفية بالدار البيضاء تعلن عن تنظيم المهرجان الوطني لظاهرة المجموعات

 

بقلم سمير السباعي
يعتبر الاحتفاء بالفن الغيواني مناسبة لاستحضار جزء كبير من تراثنا الثقافي، الذي ظهرت إرهاصات بداية تأسيسه منذ نهاية الستينات و بداية السبعينات من القرن العشرين بمنطقة الحي المحمدي بالدار البيضاء، قبل أن يأخذ هذا الطابع الغنائي ذي النفس المسرحي بعدا مغربيا وعربيا من خلال وصول صدى أغاني المجموعات الغنائية التي حملت على عاتقها مشعل الريادة لهذا الفن الأصيل مختلف جماهير الوطن العربي.
ضمن هذا السياق شهد مقر مقاطعة الحي المحمدي بالدر البيضاء مساء يوم الجمعة 18 غشت 2023 تنظيم ندوة إعلامية من طرف أعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني لظاهرة المجموعات الذي سينظم بعدد من الفضاءات الثقافية التابعة ترابيا لنفس المقاطعة، في دورته الثانية في الفترة ما بين 21 و 27 غشت 2023 تحت شعار ظاهرة المجموعات التاريخ والمسار والأنماط، حيث كان هذا اللقاء الصحفي فرصة للجنة المذكورة من أجل بسط الخطوط العريضة التي ستؤطر فقرات هذا العرس الثقافي المرتقب.
في البداية اعتبر أحمد طنيش مسؤول الإعلام والتواصل داخل الهيئة المنظمة أن الحضور الوازن لمختلف المنابر الإعلامية لهذه الندوة هو إشارة واضحة على العلاقة الجدلية و الثابتة بين العمل الفني والممارسة الصحفية التي تظل مواكبتها شرطا لنجاح أي فعل ثقافي، قبل أن يؤكد على أن رهان مجلس مقاطعة الحي المحمدي من تنظيم هكذا ملتقيات فنية هو خدمة الشأن الثقافي لصالح الساكنة و تلبية حاجات الفاعلين في المجال الفني من أبناء المنطقة موازاة مع ما يقوم به المجلس من برامج خدماتية عمومية رغبة في ترسيخ قيم مواطنة جماعية و دعما للأفق التنموي بالمقاطعة.
في نفس الإطار جاءت مداخلة يوسف الرخيص رئيس مجلس مقاطعة الحي المحمدي لتؤكد أولا، على حجم إصرار المجلس على تنظيم هذا الحدث الفني ليكون بطاقة تعريف ثقافية خاصة بالمنطقة على غرار تجارب أخرى تعرفها مدن مغربية أخرى كمهرجان كناوة بالصويرة، وثانيا لتشير إلى حجم العمل الجماعي المكثف الذي عمل من خلا له كل أعضاء مجلس المقاطعة على القيام به رغبة في تحقيق أقصى شروط النجاح الممكن لهذا المهرجان، بما في ذلك الانخراط القوي لباقي الداعمين من مؤسسات عمومية وخاصة و المنابر الصحفية التي أشاد بدورها الريادي في دعم الإشعاع الإعلامي لهذا الاحتفاء بفن المجموعات على تراب مقاطعة الحي المحمدي، معتبرا في نفس الآن أن اللجنة المنظمة ارتأت خلال هذه الدورة تغيير فضاء العرض الرئيسي للعروض الفنية الغنائية من مركب ميراج ذي الطاقة الاستيعابية المحدودة إلى منصة ساحة بشار الخير رغبة في تمكين أكبر عدد من الجماهير متابعة هذا الحفل الفني. وقد سجل بدوره عبد الله لوغشيت مدير المهرجان خلال مداخلته أن تنظيم هذا العرس الفني هو في حذ ذاته إشارة إلى النفس الثقافي الذي يميز العاصمة الاقتصادية للمملكة وخاصة منطقة الحي المحمدي، معتبرا أن الأنماط الفنية التي أسست لها ظاهرة المجموعات بهذا الحي أصبحت روحا ممتدة في جميع ربوع وطننا المغرب و مشددا في نفس الحين على أن الحضور الإعلامي البارز خلال هذه الندوة يعكس ممارسة صحفية لمنابر لها اهتمام واضح بالشأن الثقافي.
ولم يفت لوغشيت الإشارة في كلمته على أن هذه الدورة ستعرف تلاقحا عمليا بين أجيال الفن الغيواني حيث تمت برمجة عروض الفرق الرائدة جنبا إلى جنب مع الفرق الصاعدة وذلك رغبة في دعم هذه الأخيرة وتحفيزها مستقبلا على العطاء، قبل أن يؤكد على أنه ستكون هناك ندوتين فكرتين تزامنا مع هذه العروض سيحاول من خلالها أساتذة و مهتمين بالفن الغيواني من خلالهما الإحاطة بجوانب مهمة من معالم هذا الموروث الثقافي سواء على مستوى الكلمة أو الإيقاع. أما مروان الراشدي النائب المكلف بالشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية داخل مجلس مقاطعة الحي المحمدي فقد اعتبر في حديثه أن تنظيم هذا الحدث الفني، هو علامة على جهد كبير لجميع أعضاء المجلس أغلبية ومعارضة مادام أن الغاية الكبرى هو خدمة الشأن الثقافي لمنطقة تاريخية كالحي المحمدي، مدعومين في ذلك بانخراط واضح لأعضاء من المجتمع المدني المحلي كمشاركين في إدارة هذا العرس الثقافي. وقد أكد الراشدي على شرطية ضرورة تقديم كل فرقة شابة مشاركة في المهرجان لمنتوج فني خاص بها تجنبا لتكرار تجارب التقليد التي لا تخدم حسب تعبيره ضرورة إبداع الجديد داخل فن المجموعات.
أما عن الجانب المالي فقد بلغت الميزانية العامة لهذا الاحتفاء الفني حوالي 400000 ألف درهم حسب نفس المتدخل دائما، حيث ساهم في تمويلها إلى جانب المجلس عدد من الجهات العمومية والخاصة علما أن هذا المبلغ لا يستجيب لسقف التعويضات المالية التي ستمنح للفرق المشاركة وباقي الفاعلين المدنيين و الشركاء المشاركين في تنظيم المهرجان و التي تظل حسب الراشدي رمزية طالما أن الحس التطوعي لأبناء المنطقة هو الذي رفع شعار تحدي تنظيم المهرجان.
أما مداخلة فريد لمكدر المدير الفني للمهرجان فقد كانت محطة داخل هذه الندوة للتأكيد أولا، على حضور عنصري التنوع و إبداع الجديد كمحددين أساسيين لإنجاح هذه الدورة رغبة في تمكين الإعلام والصحافة من مواد قابلة للتسويق والنشر بعيدا عن تكرار نفس الأغاني والكلمات.
وثانيا، بسط برنامج الفقرات التي سيشهدها المهرجان والتي تم تضمينها في كتيب خاص بالمناسبة. وثالتا، أكد لمكدر في نفس كلمته أن هذا العرس الفني أخذ على عاتقه الاحتفاء بذكرى علمين بارزين طبعا تاريخ الفن الغيواني بشكل كبير وهما الراحلين الطاهر الأصبهاني ومحمد باطما في دلالة واضحة على ما قدمه هذين الرجلين لهذا التراث، من إسهامات حقيقية متنا وإيقاعا لصالح أغلب المجموعات الرائدة. وقد عرفت هذه الندوة تفاعلا ونقاشا بين عدد من الإعلاميين والفاعلين المهتمين بالتراث الغيواني و بين أعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان اتجه في مجمله إما للإشارة إلى ضرورة الالتفات في التكريم إلى أسماء راحلة كانت رائدة هي الأخرى في الفن الغيواني أمثال مصطفى الخالدي أو للحديث عن إمكانية وجود دعم مادي للفرق الشابة المشاركة في هذا المهرجان من أجل تحفيزها على إنتاج اغاني جديدة تجنبا لنمط تكرار أغاني الرواد.
بالإضافة إلى ما أشار إليه البعض الآخر من ضرورة دمج شباب المنطقة مستقبلا في تسيير وتنظيم هذا المهرجان أو الدعوة إلى تغيير عنوان هذا العرس الفني على اعتبار أن الظاهرة لم تعد مصطلحا، ينسجم وتاريخية هذا التراث الغيواني الذي أصبح فنا مستمرا في الزمان ومخترقا لكل الأمكنة. وقد عمل أعضاء اللجنة المنظمة على التفاعل مع هذه التدخلات الإعلامية مثل تأكيد مروان الراشدي على أن اختيار الراحل الاصبهاني كاسم محتفى به إلى جانب الراحل محمد باطما هو رسالة إلى كل من يهمه الأمر أن الحي المحمدي غير متعصب في امتلاك ما أسماه الظاهرة الغيوانية الممتدة التي أصبحت موروثا مغربيا إن صح التعبير. أو من خلال حرص أحمد طنيش على التشديد على أن هناك بلاغا صحفيا سيكون عبارة جواب شافي يقارب لسانيا و معجميا مصطلح الظاهرة الغيوانية.

Exit mobile version