منشور في العدد الخاص بعيد العرش المجيد كافتتاحية للجريدة الورقية الخبرية للتحميل اظغط هنا :
تحل في الثلاثين من كل سنة ذكرى عيد العرش المجيد، ذكرى تخلد لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله عرش أسلافه المنعمين، وهي محطة يستحضر فيها الشعب المغربي قاطبة، بأسمى مظاهر الفخر والاعتزاز قوة ومتانة الالتحام المثين الذي يجمعه بالعرش العلوي المجيد..
وتمثل هذه الذكرى المجيدة فرصة لتأكيد أواصر المحبة القوية، وتعلق الشعب المغربي الراسخ بجلالة الملك محمد السادس رمز الأمة وموحدها وباعث نهضة المغرب الحديث.
والشعب المغربي إذ يخلد هذه الذكرى الحافلة بالدلالات والحمولات التاريخية والدينية الوازنة، والتي من أهم تجلياتها متانة رابطة البيعة الشرعية التي تتجدد وتتأكد في بعدها الديني القائم على التعاليم السديدة للدين الإسلامي الحنيف، والتشبت الراسخ بتخليد هذه الذكرى الغالية جريا على العادات والأعراف والتقاليد العريقة للملكة المغربية الشريفة.
وفي غمرة الاحتفال بهذه الذكرى الوطنية المجيدة، يسترجع المغاربة أهم النضالات والملامح الجهادية الخالدة التي خاضها كل من جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، جنبا إلى جنب مع الشعب المغربي الأبي، تمهيدا لقيام صرح مغرب الحرية والانفتاح والتقدم بجميع أوجهه، وفي شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
هذا وتمثل هذه الذكرى أيضا تجديد المغاربة تشبتهم بالوحدة الترابية للملكة، ورغبتهم في صون حرمتها والذوذ عن حماها، سيرا على نهج أسلافهم، واتباعا وتنزيلا لرؤية ملك محنك متبصر حكيم نهل من معين حكمة أبيه جلالة الملك الحسن الثاني، وتبصر جده جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراهما، ملك يشكل رمزا للوحدة والتكامل والتماسك الترابي بين مختلف مناطق المملكة الشريفة. ولعل حرص شيوخ القبائل وممثلي مختلف مناطق المغرب، على تجديد بيعتهم لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله مع حلول ذكرى عيد العرش من كل سنة، يعد دليلا واضحا على تشبتهم بأهذاب العرش العلوي المجيد ممثلا في جلالة الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين، واستعدادهم لخوض مختلف التحديات في أفق بناء صرح مغرب قوي منفتح محافظ على هويته الدينية والثقافية.
ومع حلول هذه الذكرى المجيدة، يقف الشعب المغربي وقفة إجلال وإكبار لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، مستحضرا التحولات الايجابية المشهودة، والخطوات الجبارة التي حققتها المملكة الشريفة خلال العقدين الأخيرين على جميع الأصعدة وعلى كل المستويات، فلقد حرص جلالته منذ اعتلاء عرش أسلافه الميامين، على تعزيز مكانة المغرب بين دول العالم،وتوطيد أركان الدولة المغربية، مع فتح افاق جديدة للمغاربة للتمتع بكافة الحقوق المخولة لهم، والسير على نهج الرقي والتجديد ومسايرة تطور العصر ونهضته، وزرع بذور الأمل على أرض هذا البلد الطيب المعطاء.
ففي عهد جلالته أضحى المغرب ورشا كبيرا للبناء والتشييد والإصلاح ، في جميع المجالات المعمارية والفلاحية والإقتصادية والصناعية والثقافية والرياضية والفنية، حتى أضحى المغرب مثالا يحتذى به إقليميا وجهويا وعالميا.
ففي المجال الإقتصادي تمكن جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بفضل حنكته من تحقيق نقلة اقتصادية نوعية من خلال العديد من المشاريع نذكر بعضا منها والمتمثلة أساسا في إطلاق مشروع المركب المينائي طنجة ميد وهو أكبر مركب في إفريقيا، كان له الأثر الكبير في تحسين الحركة التجارية استيرادا وتصديرا، وهو ما انعكس إيجابا على الاقتصاد المغربي.
كما يعتبر مشروع القطار فائق السرعة، وهو أول قطار سريع بافريقيا محددا مهما لملامح الحركة السياحية خصوصا، والاقتصاد المغربي على وجه العموم. إلى ذلك يعتبر جذب الاستثمارات العالمية وخاصة شركة رونو لصناعة السيارات من أهم عوامل انتعاش الإقتصاد المغربي على عهد جلالته.
أما على الصعيد السياسي فقد حرص جلالته على تكريس سياسة خارجية رصينة قوامها التضامن والتشاور وحسن الجوار، من خلال بناء علاقات قوية ومتينة مع الدول العربية، والانفتاح اكثر على القارة الافريقية، وإعادة بناء العلاقات مع مجموعة من القوى الإقليمية والعالمية الكبرى وإقامة شراكات استراتيجية معها. وكان للقضية الفلسطينية الاهتمام الأوفر من قبل جلالته بصفته رئيس لجنة القدس، هذا على الصعيد الخارجي، أما الإصلاحات السياسية الداخلية فكان إصلاح وتعديل الدستور أهم محدد للفترة التي تولى فيها جلالته زمام الأمور. وكان للحقل الديني نصيبه الأوفر من الإصلاح، حيث عمل جلالته على ترسيخ مفهوم الاعتدال والتسامح والوسطية هذا بالإضافة إلى عديد المجالات التي كان لجلالته البصمات الواضحة فيها من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع ذات الطابع الإجتماعي التي تهتم بالتعليم والصحة وبالأشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة والعالم القروي، والمرأة والطفولة، والمغاربة القاطنين بالخارج وغيرها من المجالات الحيوية.
كل ذلك جعل من المغرب على عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بلدا آمنا مطمئنا ينعم بالرخاء والاستقرار، ويسعد بالأمن والإطمئنان الذي وعد الله به عباده الصالحين من أمة الإسلام عندما قال سبحانه: ” وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا”
فبارك الله في حياة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، وأمد في عمره، وأدام نصره، وحقق أمله وسعيه، ومتعه بموفور الصحة والعافية وحفظه بما حفظ الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمجد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وصنوه الأسعد مولاي الرشيد، وكافة أسرته الملكية الشريفة، وأعاد الله على جلالته أمثال هذه الذكرى وعلى كافة أسرته الملكية الشريفة، وعلى شعبه الأمين، وهو يرفل في حلل السعادة والهناء، إنه سبحانه سميع مجيد. الله يبارك في عمر سيدي.