حزب الاستقلال : إعادة البناء الصعبة
يعاني حزب الاستقلال من صعوبات في تشكيل لجنته التنفيذية بعد مؤتمره الأخير، مما يعكس حالة من الجمود على مستوى جهازه التنظيمي. هذا الوضع دفع بعض الأصوات داخل الحزب للتعبير عن استيائها، محملة المسؤولية للأمين العام للحزب، نزار بركة.
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إعادة انتخاب نزار بركة أميناً عاماً للحزب لولاية ثانية، لم يتم عقد أي دورة للمجلس الوطني للحزب للمصادقة على قائمة اللجنة التنفيذية، والتي من المفترض أن يتم الإعلان عنها مباشرة بعد انتخاب الأمين العام.
تشير مصادر داخل الحزب إلى أن ما يسميه نزار بركة بالمشاورات مع الهيئات التنظيمية للحزب ليس سوى مسرحية لتبرير الوقت الطويل الذي استغرقه في إعداد قائمة أعضاء اللجنة التنفيذية، رغم الامتيازات والضمانات الممنوحة له. وترى هذه المصادر أن ذلك يعكس رغبته في فرض أسماء ليس لها حضور تنظيمي أو سياسي أو انتخابي، بل فقط أشخاص يستثمرون في الروابط العائلية والصداقة.
في هذا السياق، تم ذكر اسم الوالي السابق للدار البيضاء، عبد الكبير زاهود، الذي عينه نزار بركة مديراً عاماً للشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق. كما يُزعم أن بركة مارس ضغوطاً لفرض أرشان، ابن أخ زاهود، في المكتب التنفيذي لشبيبة الاستقلال، رغم عدم ارتباطه بتنظيم الشباب أو الحزب.
تشير مصادر جريدة الخبرية إلى أن هذه السياسة قد أغرقت الحزب في حالة من الجمود، حيث تعاني منظمة المرأة الاستقلالية من الركود على المستوى المركزي، ولا يتم الحديث عنها إلا من خلال بعض الأنشطة العرضية المنظمة في بعض الأقاليم المحددة، والتي قد تكون مرتبطة باستحقاقات انتخابية محلية أو إقليمية.
الوضع مماثل بالنسبة لشبيبة الاستقلال، التي كانت من بين أكثر منظمات الشباب نشاطاً على المستوى الوطني. لكن منذ انتخاب عثمان ترمونية أميناً عاماً لها خلال المؤتمر العام الثالث عشر للمنظمة، أصبحت هيكلاً فارغاً.
هذه الحالة من الجمود والضعف التنظيمي تثير قلق العديد من أعضاء الحزب وأنصاره. فحزب الاستقلال، الذي يعد من أعرق الأحزاب السياسية في المغرب، يواجه تحديات كبيرة في إعادة تنظيم صفوفه وتجديد هياكله.
يرى بعض المراقبين أن هذه الأزمة الداخلية قد تؤثر سلباً على أداء الحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وعلى دوره في المشهد السياسي المغربي. كما أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع ثقة الناخبين في الحزب وقدرته على تمثيل مصالحهم.
في ظل هذه الظروف، يتعين على قيادة الحزب، وعلى رأسها الأمين العام نزار بركة، اتخاذ خطوات جادة وسريعة لمعالجة هذه المشكلات التنظيمية. وهذا يتطلب إجراء حوار داخلي شامل، وإعادة النظر في آليات اتخاذ القرار، وتفعيل دور الشباب والمرأة في الهياكل الحزبية.
إن نجاح حزب الاستقلال في تجاوز هذه الأزمة وإعادة بناء نفسه سيكون له أهمية كبيرة ليس فقط للحزب نفسه، بل أيضاً للحياة السياسية المغربية ككل. فوجود أحزاب قوية ومنظمة يعد ضرورياً لضمان تعددية سياسية حقيقية وديمقراطية فعالة في البلاد.