نظام الكابرانات والدكتاتورية : قمع المفكرين وتزوير التاريخ صنصال أنموذجا
نظام الكابرانات والدكتاتورية : تشكل الأنظمة الدكتاتورية عداوة أزلية تجاه الفكر الحر والإبداع، حيث يسعى قادتها إلى إسكات أصوات الكُتّاب والمفكرين الذين يجعلون من الحرية قيمة عليا ويدينون تجاوزاتهم بجرأة. من بين هؤلاء الكُتّاب، برز بوعلام صنصال كواحد من أبرز المثقفين المغاربيين الذين لا يترددون في مواجهة الواقع وكشف الحقائق.
بوعلام صنصال بين المقاومة والمنفى
بوعلام صنصال، الكاتب الجزائري الشهير، خاض معركة طويلة ضد التطرف الديني الذي كان جزءًا من الحرب الأهلية الجزائرية المدمرة في تسعينيات القرن الماضي، والتي أودت بحياة ما يقارب 200 ألف شخص. صنصال، الذي كان يعمل كمهندس في القطاع الصناعي قبل التفرغ للأدب، يعرف خفايا النظام الجزائري ويعي كيف تستخدم النخبة العسكرية الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز، لتعزيز سلطتها.
رغم جرأته وإصراره على العيش في بلده، اضطر صنصال لمغادرة الجزائر قبل أشهر قليلة والتقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية، مما يعكس الضغط المتزايد الذي يواجهه المثقفون داخل البلاد.
الأزمة السياسية وتصعيد القمع
اعتقال صنصال جاء في ظل تغييرات سياسية داخلية، حيث تولى الجنرال سعيد شنقريحة زمام الأمور بصفته وزيرًا للدفاع ورئيسًا للأركان. هذا التحول جاء مصحوبًا بإقالات وتوسيع نفوذ الجنرالات، مما عزز القبضة العسكرية على السلطة.
إلى جانب صنصال، يعاني فنانون آخرون من القمع، مثل مغني الراب لطفي دوبل كانون، الذي يواجه تهماً بعد أغنيته “عمي تبون” التي انتقد فيها النظام الديكتاتوري، وشهدت انتشارًا واسعًا على الإنترنت.
التاريخ والموقف من المغرب
صنصال أثار غضب السلطات الجزائرية عندما أشار إلى حقائق تاريخية حول حدود الجزائر والمغرب، مثل انتماء مناطق غرب الجزائر كتلمسان ووهران إلى المغرب قبل الاستعمار الفرنسي. هذه التصريحات تمثل “طابو” بالنسبة للجنرالات، الذين جعلوا من معارضة الوحدة الترابية للمغرب في قضية الصحراء هدفًا رئيسيًا لسياستهم.
هذه الحقائق التاريخية تزيد من حدة الصراع الدبلوماسي، خاصة بعد اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على الصحراء، وهي خطوة أثارت غضب القيادة الجزائرية.
معركة الحرية والديكتاتورية
اعتقال بوعلام صنصال لا يمكن فهمه إلا في سياق نظام يعاني من عزلة دبلوماسية وشعبية متزايدة للمفكر صنصال. ومع ذلك، فإن هذا الحدث يسلط الضوء على استمرار الصراع بين حرية التعبير والنظام القمعي في الجزائر.
على الرئيس الفرنسي ماكرون أن يتحمل مسؤوليته كداعم للحرية والمطالبة بإطلاق سراح صنصال، ليس فقط ككاتب ولكن أيضًا كمواطن فرنسي.