أعده للنشر وصاغ فقراته ، الدكتور سدي علي ماءالعينين ، باحث في شؤون الصحراء
عندما كان الملك وليا للعهد يافعا ،يخطو خطواته الأولى في الإقتراب من الملفات الحارقة لحكم والده الحسن الثاني ، أشركه والده في لقاء مع قياديي جبهة البوليزاريو ،قبل ان يكلفه في وقت لاحق بالإجتماع بهم برفقة إدريس البصري .
كان ذلك سنة 1989 أي سنتين قبل إعلان وقف إطلاق النار في الصحراء بين المغرب و الجبهة .
عشرون سنة بعد ذلك طرح محمد السادس تصوره الجريئ لتسوية ملف الصحراء ممثلا في الحكم الذاتي ، خالقا القطيعة مع الإستفتاء و مفهوم الإستفتاء التأكيدي .
سنة 2007 المغرب قدم رسميا أرضية للحوار ، بعد ان اعلنها قبل سنتين في خطاب المسيرة الخضراء ،وفتح بخصوصها مشاورات مع الأحزاب وتتمثل هذه الأرضية في اقتراحه تطبيق نظام حكم ذاتي في الصحراء يفتح المجال لعودة كل اللاجئين، ويسمح للصحراويين بتسيير شؤونهم، وإذا اتفق الطرفان فسيجري استفتاء بالمغرب لإدراج بند الحكم الذاتي في الدستور، واستفتاء آخر بالأقاليم الصحراوية للموافقة على هذا الحكم الذاتي. باعتباره شكلا من أشكال تقرير المصير .
مخطط الحكم الذاتي يتميز باحترام المجتمع الديمقراطي الحديث ودولة القانون، والهويات الثقافية والاجتماعية والحريات الفردية والجماعية، والتنمية السوسيو-اقتصادية.
وأوضح أن هذه المبادرة، التي تتأسس على التوافق والتي وصفها مجلس الأمن الدولي بـ”الجادة وذات المصداقية”، تنسجم بشكل تام مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، مسجلا أنه تمت بلورة هذه المبادرة في إطار عملية تشاركية من خلال مشاورات وطنية واسعة النطاق قامت بإشراك الساكنة المحلية في منطقة الصحراء والأحزاب السياسية، فضلا عن مشاورات على المستويين الإقليمي والدولي.
عكس والده ، قام الملك محمد السادس بزيارة الأقاليم الجنوبية عدة مرات ، وجاءت الزيارة الأولى للملك محمد السادس للأقاليم الصحراوية منذ توليه العرش خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني في نونبر 2001 تزامنا وذكرى “المسيرة الخضراء”.
وشارك الملك المغربي جموع المصلين صلاة الجمعة في مدينة العيون كبرى مدن الصحراء الغربية وسط استقبال شعبي حاشد ردد خلاله المستقبلون هتافات التأييد للملك وللمغرب.
وهكذا دأب الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش سنة 1999، على القيام بزيارات إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة من أجل إطلاق عدد من المشاريع التنموية، شملت مدن كلميم والسمارة والداخلة التي ترأس فيها مجلسا للوزراء في مارس 2002، وكذلك العيون التي زارها في نونبر 2001، وأكتوبر 2002، ومارس 2006.
إذ استمرت الدبلوماسية المغربية في انتزاع المواقف المؤيدة لمغربية الصحراء في أوروبا خاصة الموقف الاسباني والالماني، بالإضافة إلى باقي الدول في أوروبا الغربية والشرقية، مما ساهم في عزل اطروحة الانفصال داخل مجموعة من الدول التي كانت معاقل الفكر الانفصالي المدعوم جزائريا”
استمر الإشعاع الدبلوماسي المغربي داخل أروقة ومؤسسات الاتحاد الافريقي كما حافظ المغرب على علاقاته الطيبة مع معظم دول القارة، التي توسعت دائرة الدول المؤيدة لسيادة المغرب ووحدته الترابية
كما استمرت الدول العربية حصنا حصينا لدعم السادة المغربية، ولم تستطع مناورات الجزائر شق الصف العربي الداعم لوحدة المملكة المغربية، وتبقى العلاقات المغربية الخليجية نموذجا في هذا الباب كان ٱخرها المواقف الواضحة للقمة الخليجية بقطر التي أشادت بجهود جلالة الملك محمد السادس ودعم المملكة المطلق في قضية وحدته الترابية” يضيف بلوان.
قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، مشدداً على أنه أيضاً هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.
وأضاف، في خطاب وجهه للشعب المغربي، بمناسبة الذكرى 69 لانطلاق ثورة الملك والشعب عام 1953: «ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل».
فتحت نحو 30 دولة، قنصليات في الأقاليم الجنوبية (الصحراء المغربية)، تجسيداً لدعمها الصريح، للوحدة الترابية للمملكة.
وجدد الملك غير ما مرة عبارات التقدير لإخوانه ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خصوصاً الأردن والبحرين والإمارات، وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة.
في موضوع دي صلة يعكس توجه المملكة المغربية نحو تنمية الأقاليم الجنوبية بلغ عدد المشاريع المنجزة في إطار برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية ما مجموعه 87 بغلاف مالي يصل إلى 7 ملايير درهم همت مناطق أخفنير والعيون وبوجدور وكلميم والداخلة، ما يعني أن حوالي 605 مشاريع لا تزال في طور الإنجاز أو لم يتم إطلاقها.
وكانت اتفاقيات هذا البرنامج قد وُقعت أمام الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء في مدينة العيون شهر نونبر 2015، بميزانية إجمالية تبلغ 77 مليار درهم موزعة على حوالي 695 مشروعاً.
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، أكد فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ضرورة تعزيز الواجهة الأطلسية باعتبارها فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، بما يخدم مصالح كافة دول المنطقة وخارجها، في إطار مقاربة رابح-رابح.
وأشار إلى أن هذا الهدف يتجسد من خلال المبادرات الملكية الثلاث، وتشمل خط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، والمبادرة الأطلسية الإفريقية، والمبادرة الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، مبرزا أن الصحراء المغربية ستضطلع، بفضل ديناميتها وازدهارها، بدور رئيسي باعتبارها فضاء للأمن والاستقرار والتنمية المشتركة في إفريقيا وفي الفضاء الأطلسي وخارجه، وبصفتها منصة محورية وبوابة أوروبا والأمريكتين نحو إفريقيا.
وبناء على ذلك يمكن القول ان منطقة الصحراء المغربية “تشهد طفرة اقتصادية غير مسبوقة، يدعمها زخم دبلوماسي دولي لصالح السيادة المغربية على المنطقة ومبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
لكن لازالت الدبلوماسية المغربيةتعرف بعض التعثر خاصة عدم إقناع إدارة بايدن بفتح قنصلية بالداخلة، كما تم الاتفاق على ذلك في اتفاقية الثلاثية بين المغرب وإسرائيل وأمريكا، وعدم النجاح في تليين موقف جنوب إفريقيا في ملف الصحراء المغربية، وكذا عدم اقناع فنزويلا بالتراجع عن موقفها من الصحراء، يعتبر تعثرا ما زال يميز تحركات الدبلوماسية المغربية”.
ربع قرن من حكم الملك محمد السادس جعلت من قضية الصحراء قضية مركزية برؤية متعددة الابعاد ،تجعلنا نقر ان الملف شبه محسوم ميدانيا ،وتبقى مناورات الجزائر وجنوب إفريقيا مجرد مظهر من مظاهر الصراع على الزعامة في القارة الإفريقية والتي يبدو ان المغرب حسمها لصالحه بفضل الرؤيا المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس خاصة على مستوى الحضور الإقتصادي و الديني بعد عودة المغرب الى حضيرة منظمة الإتحاد الإفريقي .
اليوم والمغرب يخلد ذكرى إعتلاء الملك عرش اسلافه المنعمين قطعت برامج التنمية في الصحراء اشواطا جد متقدمة ،وبدأت الدول العظمى تعبر عن اهتمامها الاستثمار في الصحراء ،وهو ما يعني ميدانيا ان قضيتنا الوطنية حسمت ميدانيا ودوليا وتبقى منظمة الأمم المتحدة امام محك القطع مع مجاملات بعض الدول للجزائر على حساب وحدة المغرب و سيادته على أراضيه .
هكذا يكون الملك محمد السادس قد واصل ما بدأه أجداده في صيانة أراضي المملكة ،والاهم من ذلك ان المغرب بدأ فعلا يكسب قلوب الصحراويين الذين يرون في ماينجز في الصحراء ضمانا للعيش الكريم وان اقاليمنا الجنوبية توجد على السكة الحقيقية سكة التنمية ،
وسيظل كلام المرحوم الحسن الثاني لوفد البوليزاريو اثناء اللقاء بهم بحضور ولي العهد آنذاك محمد السادس ،هو خريطة جلالة الملك في الصحراء حين طلب المغفور له من وفد البوليزاريو العمل سويا لكسب قلوب الصحراويين ،وهي الدعوة التي لم تجد صداها عند الطرف الآخر بسبب تحجر مواقف الجزائر لياتي جلالة الملك محمد السادس ويحقق أمنية والده دون حاجة إلى البوليزاريو الغارق في احلام الحرب الباردة و مستنقع حسابات الجزائر التي ابانت مراحل النزاع انها لا تأبه الصحراويين اكثر من حرصها ان يتواصل النزاع خدمة لأجندتها بالقارة .
المغرب في صحراءه ،تواجد لم يعد يستند فقط للمرجعيات التاريخية ولكن للروابط الروحية التي تفوت وتعززت بالمشروع التنموي للاقاليم الجنوبية الذي غير وجه الصحراء وجعل الصحراويين مشاركين في التنمية .
وبذلك يكون الملك بالفعل احدث انقلابا في رؤية المملكة لملف الصحراء وجعلنا جميعا نفخر بالسياسة الرشيدة لعاهل البلاد و خطواته المحسوبة و الحاسمة في تسوية النزاع ميدانيا سواء تحقق الحكم الذاتي او لن يتحقق .