بداية حرب هدم الحضارات ونهاية حلم الانسان الأخير … وبوادر نظام عالمي بديل
لقد أصبحت الحروب المعاصرة تشكل خطرا حقيقيا على دول المعمور دون إستثناء، خصوصا و أن اتجاهه نحو الحرب العالمية الثالثة في تطور مستمر، ولم تعد ظاهرة محدودة الأثر محليا أو إقليميا أو أنها ترتبط بدولة ما أو بإيديولوجية بعينها. إن خطر الحرب يصنف اليوم ضمن الخطر الارهابي العسكري الذي له إنعكاسات سلبية على أمن و إستقرار النظام الدولي اقتصاديا و سياسيا ، وإجتماعيا، فهو يزيد من هواجس الرعب و الخوف، و يهدد بانهيار أمم و تراجع مستوى التنمية العالمي، و حتى الدول التي تعتبر نفسها قوية وغير ملزمة بوقف الحروب أو أنها تساهم فيها بتقديم الدعم أو تزود أحد طرفيها بالأسلحة بدلا من بذل الجهود لوضع حد لها و مواجهة خطر الدمار الشامل، فهي غير بريئة وسوف تكون مجبرة على قبول العواقب بما فيها نقل الحروب إليها واستهدافها بالسلاح الفتاك. فلا امريكا ولا ابريطانيا ولا اوربا ولا روسيا و لا الصين ولا غيرها بريئة مما يحدث في العالم اليوم من حروب.
مسؤولية الأمم المتحدة عن وقف الظلم الدولي المسبب في الحروب الدائرة حاليا.
لم تعد لحدود الدول قيمة، لاسيما بعد اختزال المسافات وتوحيد منافذ الولوج لنظمها، فالتقارب بين الأمم والشعوب جعلت من العالم قرية صغيرة متشابكة المصالح، بل تحول العالم إلى غرفة عمليات تحكم صغيرة، مما زاد في تنويع الحروب بما فيها الحروب الالكترونية، وأصبح معها عقل ومركز التفكير معقدا وفاقدا للقدرة على حماية حياة الشعوب من سمومها والعمليات الإرهابية الإلكترونية. فرغم كل محاسن التطور وآثاره الايجابية إلا انه لم يخل من مساوئ جمة شكلت الجانب المظلم والمسيء لحياة البشر. ومن مساوئ الحروب المعاصرة اعتمادها على التكنولوجيا وأخطرها هي انتشار جرائم الحرب الالكترونية، من قبيل تفجير الهواتف الخلوية وقتل حامليها، حيث ما تزال التشريعات الدولية قاصرة عن حصر جرائم الحروب الذكية. والأمر يحتاج الى تجريمها بنصوص تشريعية واضحة وقوانين خاصة لكونها من الجرائم المستحدثة. فقد انتهى الخلاف حول الحروب التقليدية، واشتد الجدل حول أنواع وكيفية مواجهة الحروب الجديدة بما فيها الحروب الالكترونية التي دخلت أتون الصراع الدولي بمعيار الخبرات العلمية في مجال التقنية التكنولوجية الخاصة بالمجال العسكري.
جدلية الحروب المعاصرة و سؤال من سيحكم العالم.
إن الحروب الالكترونية باعتبارها حروب مستحدثة لم تخضع بعد الى نص عقابي يجرمها دوليا، وهذه إحدى الاشكاليات القانونية في مجال القانون الجنائي الدولي لان المشرع الجنائي مقيد بمبدأ المشروعية، الأمر الذي يبقي على السلوكات الحربية الضارة بالمجتمعات بواسطة الحواسيب (الكمبيوتر) والوسائل التقنية الأخرى ومنها الانترنيت والهواتف النقالة، ووسائل الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وإن كانت هناك تشريعات تجرم بعض الأفعال التي ترتكب بالوسائل التكنولوجية في العالم الرقمي ولاسيما في الأفعال الإرهابية.
غياب أمل واضح المعالم لإيقاف الحروب المعاصرة.
لم يعد تعريف الحرب وضوابطها محل اتفاق بين الدول، على الرغم من الجهود الدبلوماسية المضنية التي تبذلها الدول الضعيفة عسكريا من أجل حقن الدماء، سواء تعلق الأمر بالحرب الروسية الأوكرانية أو بالحرب الاسرائيلية الفلسطينية، وتبقى الجهود المبذولة دون قيمة و لا تضمن إيقافهما، والسبب هو تمسك الدول بمصالحها الاستراتيجية في بيئة تباعد فيها الحق عن الباطل و استحال فيها إقناع الظالم بأنه ظالم، وفرضت القرارات بمنطق القوة وحشد الدعم السياسي والعسكري المطلقين لحماية الظالم، الشيء الذي يستحيل معه امكانية تحقيق السلام، بل انتظار الاصطدام الكبير بين الحضارات الذي سيغير معالم الوضع الدولي كليا وسينهي المعادلات التي تقوم عليها الحروب المعاصرة حسب ما أشار اليه عدد من المفكرين الغربيين.
سبل مواجهة شبح الحروب القذرة.
ان الافكار السياسية والدينية المتطرفة والعنصرية هي التي أصبحت تسيطر على وجدان الأفراد وتفسد عقائدهم ، وإذكاء تمردهم من داخل الحكومات من أجل الخوض في الحروب بدء من سن قوانين صارمة ونشر أفكار هدامة بهدف الإذلال و السيطرة على حقوق الآخرين في ظل غياب قاضي دولي أو تعاون قضائي دولي يهدف الى التوصل الى السبل الكفيلة بوضع حد للمجرمين وفرض السلام .
الحرب المدمرة دافع لبناء التكتلات العسكرية الدولية الجديدة
بسبب الخوف من الإفراط في استعمال القوة العسكرية وتعريض العالم لحرب بالسلاح النووي، تم البحث عن التعاون العسكري الدولي عبر تشكيل الأذرع الصاروخية ضمن أقطاب عسكرية كما حدث بين روسيا والصين لمواجهة أمريكا وحلفائها. مما يعني أن الديمقراطية والأحزاب والانتخابات انتهت مع هذه الحروب ومعها انتهى الشعب كركن و كأساس وجود الدولة، ذلك أن السلطة السياسية للدول الغربية تحولت إلى شركات ومقاولات عسكرية تستثمر في المآسي الإنسانية مهما كلف الأمر. والأمم المتحدة لا تمتلك سلطة قرار إيقاف الحروب، بل تبقى منبرا للإدانة والشجب لما يحدث من انتهاكات للقانون الدولي ومعها الدول الضعيفة والمغلوب على أمرها. خصوصا وأن الحروب سواء المباشرة أو بالوكالة تقف من ورائها نفس الدول الدائمة في مجلس الأمن وهي المعنية بإيقاف الحروب وفرض التوازن الدولي بالديبلوماسية. لكنها تنسف بالتناوب كل القرارات المتعلقة بعدم شرعية ما قد تقدم عليه دولة معينة من تصرفات خارج عن الاحترام الواجب للقانون الدولي، ولا مناص اليوم من رفع صوت الدول المدعمة والمساندة للسلام من أجل الضغط على اللوبي الدولي الفاسد ووقف تماديه السياسي والثقافي و الاعلامي والعلمي والديني.. فلربما نكون قد دخلنا الحرب الأخيرة للنظام الدولي الفاسد الذي يغيب فيه حاكم عادل. و أصبح معه العالم يسير في اتجاه حرب هدم الحضارات، تلك الحرب القائمة على نشر أفكار عنصرية وعدوانية تؤجج الصراع وتزيد من رفع مستوى الكراهية بين الدول والشعوب سياسيا ومذهبيا، وتطل على العالم بحروب وجودية دينيا وعقائديا، حيث يتم تمويل عمليات القتل والتخريب المختلفة، واستهداف شخصيات رسمية، و نشر صناعة المتفجرات التي تستخدم خاصة في عمليات القتل الجماعية، ونشر النعرات والفتن والاعتداء على الأديان والمعتقدات. لدرجة أن الرصيد الهائل الذي توفره اللغات من نحو وبلاغة وفكر وفلسفة وعلوم وفقه وجغرافبيا وتاريخ وحضارة وتكنولوجيا ورياضيات وفنون … كلها مهددة بالانقراض مع الحرب الجديدة، بل المؤسف أنه لم يلتفت أحد إلى قيمة ما حققته الأمم المتحضرة للانسانية من تطور لنمط الحياة ومن منتجات وآليات أمثال الصينيون والانجليز و الروس والفرنسيون واليابانيون والألمان والأقوام قبلهم عربا وعجما… فبدلا من إبراز اوجه التعاون الدولي في هذه المجالات الحيوية والمرور إلى التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، نلاحظ أن العالم يتسارع من أجل الفناء دون اي مبرر غير التفكير في قيادة العالم والسيطرة عليه بالمراهقين والحمقى و عديمي الضمير الذين سينتهي معهم الأمل في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. فحرب اوكرانيا وفلسطين أزاحت الستار عن ما تبقى من تحفظ والخوف الذي ساد في فترة الحرب الباردة، واطرب معها توازن القوة، وخرج قطار العلاقات الدولية عن سكته، وفي المقابل فسح المجال أمام الفوضى التي ستتبعها سنوات عجاف سوف تؤدي الى صعود هويات لطالما تم تصنيفها على أنها راديكالية وغير مواكبة للتطورالاقتصادي العالمي، ومن المحتمل ميلاد نظام عالمي جديد قائم على مبادئ البقاء للأصلح والأنفع للعالم بعد فشل مبدأ البقاء للأقوى الذي قسم الدول والشعوب على أساس الصناعة العسكرية بدلا من المساواة طبقا للقيم الكونية. وعليه يمكن القول أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها اوربا فشلت في حماية المشروع الديمقراطي الغربي مكتفية ببناء حلف عسكري للشمال الأطلسي، كما سمحت بتصديرنماذج مشوهة للديمقراطية لم تستطيع التأقلم كتجارب سياسية مع ثقافات الشعوب والدول غير الغربية رغم عقود من المحاولات، مما دفع الدول والشعوب الاقتناع بأن إشعال فتيل الحروب الحالية هي حرب كونية مصيرية غير مؤسسة على أهداف يتم تسويقها لشرعنتهاما دامت الأسس الديمقراطية والحرية والتعددية … كلها كذب لا يمكن تصديقه مرة أخرى.
ومن المفروض اتخاذ تدابير أممية لمنع التهديدات التي تمس بالسلام العالمي وقمـع الـعـدوان وتعزيز حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية، ومنع كل انتهاك وتهديد حقيقي لشروط ومقتضيات إشـاعة الأمـن والـسـلـم الـدوليين، فضلا عن منع الانتهاك الواضح لحقوق الإنسان، والبحث عن التسوية السلمية للمنازعات، التي ما فتئ يحرص على تكريسها وتأمينها الميثاق الأممي، بل يجب أن تستنهض الامم المتحدة دورها من جديد لمواجهة الخطر المتنوع للحروب بما فيها الحرب الالكترونية والأزمات المعاصرة.
فبالرغم من أن ميثاق الأمم المتحـدة لم ينص صراحـة عـلى تـجـريـم استخدام المعلومات كأداة تخريبية وتدميرية ضمن إطار ما يعرف بـالحرب الإلكترونية، الا أن روح الميثاق تتفق مع تجريم استخدامه بوصـفه انتهاكـا واضحا لما ورد في الميثـاق بخصوص”التهديد أو إستخدام القـوة ضـد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. ولعل ما تم القيام به من تفجير للهواتف الخلوية في لبنان ينددرج ضمن الاعمال الارهابية حسب ميثاق الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق فإن الأمم المتحـدة اذا لم تفرض هـذه الإتفاقيات وتتبع مدى التزام الدول بتنفيـذ بنودهـا، و تقديم المساعدة القانونية للبلدان حول منهجية التحري الجيد وسبل تنفيـذ أحكام المعاهدات في إطار تشريعاتها الوطنية… فإن زوالها سيكون من تبعات الحروب الحالي، فالطرح الاممي يتطلب الجدية حول كيفية مواجهتـها، وتظافر الجهود الدولية تحت مظلة المنظمات الدولية والإقليمية لمواجهة التهديدات العالمية الحقيقية .
عدم جدوى التحذير من مخاطر الحرب النووية و الالكترونية الفتاكة
إن تطوير الوعي الدولي وتداعياتـه عـلى أمن وسـلامة الـدول عـبر سلسلة مـن القرارات والجهود الأممية، وذلك من خلال إدانة الحروب الجديدة وتحذير الدول من التعرض لها لأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها يبقى غير كافي لردع الأفعال التخريبية التوقعية المتواصلة.
ضرورة إحكـام القبـضـة عـلى الفوضى داخـل الـفضاء الإلكتروني.
لقد أدركت الأمم المتحدة أن إحكام القبـضـة عـلى الفوضى التي يعرفها الفضاء الإلكتروني يتطلب إرادة دولية حقيقية و إطارا قانونيا يحكمه وينظم إستخدامه ، ويحد من خطورة تداعياته. بحيث كان للأمم المتحدة السبق في إتخاذ قرار سياسي عـلى المستوى الدولي لترجمة الجهود الدولية إلى خطـوات عملية في مجال مكافحة الإرهاب الالكتروني .
وبالتزامن مع هذا التطور تم التاكيد على حرية التعبير والتنقل الحر للمعلومات والافكار والمعرفة الضرورية لمجتمع المعلوميات، مـع الـدعوة الى مراقبة الانترنت للحفـاظ عـلى الأمـن الـدولي واحترام الملكية الفكرية ومكافحة غسل الاموال.
وبالعودة الى القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي في مواجهة الارهـاب الالكتروني يتضح لنا غياب الاشارة الصريحة لمفهوم الإرهاب الالكتروني، والاشارة الضمنية والعابرة بصيغة التحذير للإرهاب المرتبط بصورة أو بأخـرى بالشبكة الدولية للمعلوميات في هذه القرارات .
دور المنظمات الدولية في مكافحة الحرب الالكترونية
تناط بالإتحاد الدولي للاتصالات مهمة مكافحة الحرب الالكترونية، حيث يقوم الإتحاد، بالاشتراك مع الوكالة الأوروبية لأمن الشبكات والمعلوميات، بنشر خريطـة الطـريـق المتعلقة بمعايير الأمـن في مجال تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات، کما تعاون الإتحاد الدولي مـع مجلس أوروبا لإنجـاز الإتفاقيـة الأوروبية حول الجريمة الإلكترونية من أجل الاستعانة بها في عملية وضع إطـار قانوني دولي. وقد سبق تعيـين فـريـق خـبراء لإسـداء المشورة إلى الأمـين الـعـام للإتحـاد، بشأن المسائل المعقـدة التـي تكتنـف مـوضـوع الأمـن السيبراني، سواء تعلق الأمر بالقطاع العام أوالخاص . ومن المهـام التـي يـضطلع بها هـذا الإتحـاد تعزيـز التعـاون الـدولي للخدمات الهاتفية والسلكية واللاسلكية وتوسيع إستخدامها بواسطة الجمهـور وتطـوير امكانات الاتصالات السلكية واللاسلكية وتوزيع الموجات اللاسلكية، كما يقـوم الإتحـاد السيبراني.
ويقوم الفريق بصياغة المقترحات التي ستقدم إلى الأمين العام للإتحـاد بشأن الاستراتيجيات طويلة الأجل لتعزيز الأمن السيبراني في خمسة هي المجال القانوني، ومجال “التدابير التقنية والإجرائية” للعمل على منع الهجمات السيبرانية. وحماية أنظمة البنية التحتية الحرجة للمعلومات. ووضع استراتيجيات لآليات بناء القدرات من أجل زيـادة الـوعي، ونقـل الخبرة المتخصصة، وتعزيز الأمـن الـسيبراني في إطـار بـرنـامج السياسات العامة الوطنية.
بينما دور المنظمة العالمية للملكية الفكرية في مكافحة الحرب الالكترونية فتتمثل في دعـم الملكيـة الفكرية في جميع انحاء العالم بجميع صوره، في ظل وجود شبكة الانترنت التي عملت علي جعل العالم قرية صغيرة عبر تقنيات المعلوميات والاتصالات والتطبيقات التي سمحت بانسياب الأموال والسلع والخدمات والأفكار والمعلومات بين مستخدمي تلك التقنيات. حيث كان على كل بلد حماية أفراده ومؤسساته ومقدراته وحضارته من آثار هذا الانفتاح، فبالرغم من الفوائد المتعددة لهذة التقنيات ، فإن المخاطر الكامنة فيهـا تتطلب من الدول ان تعمل على التصدي لهـذه المخاطر بكل اشكالها.
و تأسيسا على ما سبق، يجب على اي دولة اتخاذ الاجراءات اللازمـة التـي تحجب المواقع الضارة والتي تدعو إلى الفساد والشر بكل تجلياته، والمواقـع التـي تدعو وتعلم الإرهاب والعدوان والاعتداء على الآخرين بغير وجه حق. ولقد جاء في بعض الدراسات أن الدول التي تفرض قوانين صارمة في منع المواقع الضارة والهدامة تنخفض فيها نسبة الجرائم.
صعوبة تقدير آثار الحرب النووية والالكترونية
تدل التجربة على صعوبة إثبات نطاق مؤامرة إجرامية للمحكمة الدولية دون مراقبة إلكترونية، وتوافر كل وسائل الإثبات، ويجيز القانون نفسه أسلوب التسلل لغرض التحقيق في الأفعال المجرمة. وأن تجرى عمليات التسلل تحت إشراف المدعي العام أو قاضي التحقيق. وقد اتضحت فائدة المراقبة الإكترونية للاتصالات بالتمكن من الحيلولة دون تنفيذ مخططات إجرامية.
الآليات القانونية لمكافحة الحرب الالكترونية
مع التطور التقني الذي اجتاح العالم في الأونة الأخيرة وذلك بفضل إستخدام الحاسوب وظهور الشبكة الدولية للمعلوميات وتزايد اعتماد الدول عليها في ادارة مؤسساتها وتقديم الخدمات المختلفة ، وبالمقابل تزايد خطر الحروب الدولية الذي أساء استغلال مزايا شبكة المعلوميات العالمية في تحقيق أغراضه الإجرامية في تصميم وتنفيذ عدد من العمليات ضد المواقع الالكترونية المرتبطة بالبنية التحتية والمؤسسات المهمة للدول، وفي مواجهة هذا التهديد الالكتروني للأمن العالمي بادرت المنظمات الدولية العالمية والإقليمية إلى صياغة القرارات والاستراتيجيات وبذل الجهود لتكون في مستوى التحدي.
مخاطر الحرب الالكترونية
لا يختلف اثنان على أن الثورة التكنولوجية والتطور التقنـــــــي في عصرنا الحاضر وظهور أجهزة الكمبيــوتير المتطورة قد أدى إلى تغيير نمط الحياة في العالم، حيث أصبح الاعتماد على وسائل تقنية المعلوميات الحديثة يزداد يوما يوم بعد في شتي مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية … فالحواسيب أصبحت أحد أهم مرتكزات عمل المؤسسات العامة والخاصة، سواء المؤسسات المالية، أو المرافق العامة، أو المؤسسات التعليمية، أو الأمنية أو غيرها. وقد يلحق بالمؤسسات المالية، وأجهزة الاتصال والبنية التحتية والمؤسسات الحكومية وغيرها من الكيانات أضرارا كبيرة لكونها تعتمد على شبكة الانترنت. بل وتدمير نظام معلوماتي لدول بأكملها، كالتي تهدد شخصيات سياسية بارزة في المجتمع بالقتل، والقيام بتفجير منشآت وطنية، أو تنشر فيروسات من أجل إلحاق الضرر والدمار بالشبكات المعلوماتية والأنظمة الإلكترونية، او تخترق البريد الإلكتروني لرؤساء الدول وكبار الشخصيات السياسية وتنتهك أسرارهم والإطلاع على معلوماتهم وبياناتهم والتجسس عليها.
وجذير بالذكر أن التعاون الدولي في مكافحة الجريمة على اختلاف صورها ولاسيما الحرب الالكترونية يتطلب نوع من التقارب والالتقائية بين التشريعات الجنائية الوطنية والدولية، خصوصا ما يتعلق بتحديد الأفعال وصور الأنشطة المجرمة مع تحديد العقوبات التي توقع على من يرتكب هذه الافعال، على نحو يجعل الحديث عن توحيد القانون الجنائي امراً قابلاً للتحقيق وليس ضرباً من ضروب الخيال. ذلك أن فيروس يهدد صحة الانسان يمكن تجنبه، بينما تفخيخ الهواتف أو استخدام شرائح الكترونية أو استهداف أو اختراق أنظمة معلوماتية عسكرية يمكنها تفجيرالاسلحة الاوتوماتيكية في مخازنها.
ان استمرار الحرب الروسية الاوكرانية و استمرار الحرب الاسرائلية الفلسطينية، وإشعال حرب اسرائيلية لبنانية، وفتح جبهة مع سوريا والعراق واليمن … كلها مؤشرات على توسيع رقعة الحرب ستتحول معها الى حرب عالمية مدمرة ستفقد على إثرها تحديد الدولة المستفيدة لكونها غير متحكم فيها، وأنها حربا تستعمل فيها أحدث الأسلحة الفتاكة مما يعني أن الغالب والمغلوب غير معروف بل سيتم تحديد هوية الغالب بعد الدمار ، وعندما يصبح العالم في حاجة الى حاكم عادل.
الدكتور احمد درداري
رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات.