حملة “مانيش راضي” تشعل توتراً داخل أروقة النظام العسكري الجزائري
تعيش دوائر صنع القرار في الجزائر حالة من التوجس منذ أيام، في أعقاب الزخم الكبير الذي اكتسبته حملة “مانيش راضي”، وهي حركة احتجاجية جديدة أطلقها نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومناهضة التهميش الاجتماعي.
وقد لاقت هذه الحملة تجاوباً واسعاً من مختلف شرائح المجتمع الجزائري، في مؤشر يرى مراقبون أنه قد يشير إلى عودة الروح الاحتجاجية التي ميزت الحراك الشعبي قبل سنوات.
وفي ظل تنامي النقاش العام حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، تطرقت تقارير إعلامية محلية ودولية إلى تحركات السلطات الجزائرية الرامية إلى احتواء هذه الدينامية الشعبية. وتأتي هذه التحرّكات في وقت يمتلك فيه البلد ثروات ضخمة من النفط والغاز والمعادن النفيسة، كان من المفترض أن تنعكس على رفاهية المواطنين ومستوى معيشتهم. إلا أن الواقع، وفقاً لعدد من المراقبين، يكشف استمرار مشاكل الفقر والبطالة والهشاشة.
ولم يتأخر رد فعل الإعلام الرسمي والأبواق المحسوبة على دوائر السلطة، إذ سارعت إلى توجيه الاتهامات إلى “جهات خارجية” متآمرة، مُسمية المغرب وإسرائيل بالوقوف خلف هذه “الانتفاضة الافتراضية”، في محاولة لتسييس المطالب الاجتماعية وتقويضها باعتبارها مؤامرة خارجية. ويرى محللون أن هذه الاستراتيجية الإعلامية تعكس رغبة السلطة في نزع الشرعية عن التحركات الاحتجاجية، وتشتيت الانتباه عن جذور الأزمة المرتبطة بتردي الأوضاع المعيشية.
في المقابل، جاءت تصريحات الإعلامي حفيظ دراجي، الذي يعتبره البعض “ناطقاً غير رسمي باسم المؤسسة العسكرية”، لتزيد من التأكيد على التوتر القائم. ففي تغريدة عبر منصة “إكس”، تحدّث دراجي عن “ربيع جزائري” لا يشبه أي ربيع آخر، مشيراً إلى أن الثورة في الجزائر – كما وصفها – لم تتوقف يوماً في مواجهة الفقر والجهل والظلم والفساد. هذه الكلمات، كما يرى عدد من المتابعين، لا تنفصل عن السياق الحالي، إذ تعبّر عن إدراك فعلي لدى صناع القرار بخطورة هذه الحملة المتنامية.
ويجمع كثير من المراقبين على أن تصاعد الزخم حول حملة “مرانيش راضي” قد يكون إشارة جديدة إلى عودة الشارع الجزائري إلى واجهة الأحداث، بعد فترة من الهدوء النسبي. ورغم محاولات احتواء الحراك الإعلامي وتحويله إلى قضية “أمن قومي” تواجه تدخلات خارجية مزعومة، يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن للنظام الجزائري كبح تمدد هذه الاحتجاجات السلمية، وما إذا كانت هذه التحركات الاجتماعية قادرة فعلاً على تغيير المعادلة لصالح واقع معيشي أفضل.