الصراع السياسي بين المعارضة و الأغلبية من على صواب و من على حق
في سياق التجادب السياسي الحالي بين الحكومة و المعارضة يجب ان تقف الصحافة الوطنية المسؤولة و الجادة بين طرفين في أمان تام بمعناه انها تترك مسافة الأمان بين الطرفين و لهذا فان الحديث عن ما يحدث بالمغرب له ابعاد و مستويات حيث يصعب فيه التمكن من الرؤيا بالزاوية الكاملة .
في هذا المقال سنعتمد على زاوية واحدة هي الزاوية التي ينظر منها المواطن المغربي لأوضاعه و يقيم فيها أداء الحكومة و انعكاسها على حياته .
لا يجب أن ننكر ان الشعب المغربي عقد آمالا كبيرة في رئيس الحكومة و فريقه و حزبه بحيث وثق المغاربة في شخص عزيز اخنوش بحكم ثروته الكبيرة ،و التي اعتقد المغاربة أنه جاء لخدمتهم و هو كاف عن اموال الدولة بل ان نجاحه في عالم المال و الاعمال و علاقاته مع الغرب ستجعله ورقة جوكر تسهم في إقلاع مغربي جديد نحو نادي الدول المتقدمة ، و كان لابد ان يكون هدا الاقلاع تحت مسمى الدولة الاجتماعية بمفهومه الكوني . لكن بعد تنصيبه رئيس للحكومة تفاجئ المغاربة في طريقة تشكيله لحكومة تضم ثلاث أحزاب متصدرة للانتخابات التشريعية ما أضعف المعارضة عدديا .
المغاربة استحسنوا خيرا في هدا القرار المسمى تحت شعار احترام إرادة الناخب ، كما برر رئيس الحكومة و أمناء العامون المشكلين للأغلبية الحكومية العددية . الحكومة مرة أخرى تفاجئ المغاربة و هي تطرح برنامجها الحكومي و الدي لم يتضمن برنامجها الانتخابي و جاء بالنهل من البرنامج الملكي و خطاب كله اختباء وراء توجيهات جلالته اي بمعنى أدق هو لا جديد في حكومة اخنوش و كل ما في الامر هو تنفيذي للأوراش الملكية ، و بلغة عالم السياسة هو اختيار رئيس الحكومة لمنهج الاشتغال على الأوراش و التركيز عليها و اغفال ما هو تدبيري اي بمعنى الحوكمة او ما يعرف بالتدبير الحكومي للقطاعات الحكومية و مشاكل الدولة داخليا ، هدا و ان جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده يشرف بشكل مباشر على القطاعات السيادية لما لها من حساسية .
لم يقف المغاربة عند هدا المستوى بل الأمر ، واكبه مجموعة من الاخفاقات التي اصابت المواطن المغربي في قلب جيبه .
لنكن موضوعيين في تحليلنا لمجريات الأمور بعيدا عن شيطنة الاخر ، فالحكومة المغربية اعتمدت مقاربة جديدة في تعاملها مع الملفات المطروحة على طاولة رئيس الحكومة و هي مقاربة نوعية اعتمدت على حماية مصالح الشركات و الاستثمارات الكبرى بالمغرب مقابل التضحية بمصالح المواطن المغربي ، و هو امر عادي أثناء الأزمة لان هجرة الاستثمارات سيزيد من حجم الأزمة ، فما يعاب على هده الحكومة هو التجربة و بالتالي فإن أي حكومة يجب عليها الانصات و الاستماع إلى الشارع ثم المعارضة للحفاظ على الآلية الديمقراطية للبلد . هده الآلية تحافظ على تماسك السلم الاجتماعي ، و استمرار الحوار الوطني بين الفرقاء و هو ما لم يحدث الى حد الان حيث يرى المواطن المغربي حكومته المنتخبة في واد و معارضته المنتخبة ايضا في واد اخر . في عالم السياسة يؤدي هدا الامر الى فقدان الثقة خصوصا ان تحول الصراع السياسي بين الطرفين الى تصفية الحسابات السياسية و هو ما حدث و يحدث بالفعل حيث يرى المواطن المغربي حملة مسائلة و اعتقالات لمسؤولين دون ان يكون لهده الحملة اثر واضح على معيشته.
ان الحديث أكثر عمقا في هدا الموضوع لا يمكنه ان يتم بحكم حساسيته ، لكن الصحيح في كل هذا هو مصلحة المواطن المغربي و عيشه و معيشته في قرارات تغير حاله من حال الى حال .
بقلم الكاتب و المحلل السياسي الرحالي عبد الغفور