بوصلة منطقة الشرق الأوسط: إلى أين؟
تبدو مؤشرات نهاية التاريخ لفوكو ياما و التوقف الفارق لسيرورة الصراع الحضاري لصامويل هنتنجتون تلوح في الأفق وذلك من خلال دخول العالم مرحلة الخوف من العقاب الجماعي والخطر النووي واستخدام القوة المفرطة، في ظل غياب عدالة دولية، ونهاية اكذوبة حقوق الانسان ومعهما نهاية دور الامم المتحدة كهيئة دولية ترعى حقوق الشعوب والأمم والدول..
ان ارتفاع مستوى العنف والعنف المضاد يهدد السلام العالمي والسلم والأمن بمنطقة الشرق الأوسط ، ويوسع دائرة الحرب والاقتتال، في ظل ضعف الأنظمة العربية و صمتها تجاه الأوضاع، في الوقت الذي انتقلت فيه اطراف الصراع من الاحتجاج على حقوق الضحية إلى مستوى تخطي معادلة الصراع التقليدية، والاتجاه نحو معادلة تحديد من سيهيمن وسيحكم المنطقة، ومن سيتحكم في مستقبلها، مما ينبئ بربيع مقدسي ، و دخول المنطقة مرحلة ما بعد الحرب بالوكالة إلى مرحلة الحرب المباشرة والمصيرية، لكون المنطقة تخطت ايضا مرحلة جدوى التبعية، و الاختيارات المغرية، و ازدواجية المواقف تجاه مستقبلها وفي جوهرها قضية القدس.
ان للشعوب العربية عودة لربيع ديني مختلف، وبمشاركة لم يتوقع بها أحد تجاه مستقبل الامة الإسلامية وقضاياها المصيرية، ذلك أن ما سيؤول اليه الصراع الدائر حاليا لن يكون بنتائج مدركة على مستوى العقل السياسي، بل مدرك فقط على المستوى العقل الديني.
ان الصراع الحالي سيقوي الاستقطاب الديني على جنبي الصراع وهو ما سيهدد الحكومات العربية الحالية لكونها بعيدة عن الإسهام في إيقاف الصراع الذي دخل مرحلة الحتمية التاريخية ومعها تآكل شرعيتها مع التحول المتسارع للنظام العالمي.