أكادير : لن تبقى ” تمازيرت “!! المستقبل ليس لنا لوحدنا.
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،يونيو ،اكادير،2024.
تركب جماعة أكادير قطار التنمية بشكل ملفت و جذاب ، هذا امر راكمته المدينة منذ انبعاثها من بعد زلزال ضربها في مطلع الستينات .
تعاقبت المجالس ،وكل مجلس ترك لمسته وفق تصور الفاعلين ، فكانت تجربة خزانة في كل حي زمن اليسار ،و مسرح مستوحى من مسارح اليونان وبنايات وليلي ،
وكان المهرجان الإفريقي ودلالات السبق في الانفتاح على افريقيا ، و مهرجان الفنون الشعبية قبل أن يرحل الى مراكش ، و الملتقى القومي العربي اواسط الثمانينات كحدث هز الوسط الثقافي بالعالم العربي ،وفي نفس الوقت المسرح الجامعي و الجامعة الصيفية و مهرجان البحر ،
اول مدينة تعتمد دور الاحياء تفعيلا لتوصيات مذكرة 21 ، وسباق الجمال بمدخل المدينة قبل تكريسه بكلميم ، والقطار الحضري كسابقة بمدن المغرب …
أكادير كانت دوما راكبة قطار التنمية ، بعد البرنامج الحضري لسنة 2003 /2009 الذي تم فيه ضخ 188 مليار سنتيم من طرف الدولة في إعادة هيكلة المدينة وخاصة كورنيش أكادير ،وكانت المدينة محظوظة ان يكون منفذ و مهندس هذا البرنامج رجل من طينة طارق القباج .
اليوم وبعد الزيارة الملكية الفاصلة و التاريخية لسنة 2019 ، اعلن برنامج التنمية الحضرية حتى 2024 ، ومعها برنامج التسريع الاقتصادي للجهة و برنامج عمل الجماعة و الجهة اللذان يقدمان قيمة مضافة لبرنامج التنمية الحضرية .
ولا يتسع المجال هنا لجرد مجمل البرامج التي انجزت وتلك التي في طور الانجاز او التي ستعطى انطلاقتها قبل 2027 ، فهي كثيرة و متعددة و متنوعة .
لكن هذا كله ليس سوى مدخل لمقال اليوم الذي نريد ان نرسل فيه رسالة إلى ساكنة المدينة مفادها أن المستقبل ليس لنا لوحدنا.
إن هذه الجاذبية التي تكتسبها المدينة ستكون بمثابة دعوة مفتوحة لكل مناطق المغرب و افريقيا للتفكير في زيارة المدينة و لما لا الاستقرار فيها .
على ساكنة أكادير ان تعلم أن ما كانت تعيشه في صيف كل سنة من اكتضاض و تزاحم و حركية سيكون سمة دائمة و طيلة السنة .
بمعنى آخر ، فإن المدينة لم تعد سكنية ،بل ستتحول الى صالون استقبال للزوار من كل الاطياف و من كل بقاع العالم ، منهم القادمون للسياحة ومنهم القادمون للترفيه ومنهم القادمون للتجارة و منهم القادمون للبحث عن فرص الشغل ومنهم النازخون من البوادي التي تعيش تحت عتبة الفقر و تبحث عن الانعتاق ،ومنهم المهاجرون من العمق الافريقي .
والقادم افضل، بتحدي اكبر ، حيث يجري الحديث عن استقطاب السياحة العائلية الخليجية بعد ان عرفت المدينة بارتباطها بشبكات السياحة الجنسية مع دول الخليج .
و تهيئة محيط ملعب ادرار سيحول مدينة أكادير الى نقطة جذب للتظاهرات الدولية في إطار السياحة الرياضية ،
و مع مهرجان التسامح و تيميتار و بيلماون الكرنفال الدولي لأكادير و سينما الهجرة و المسرح الجامعي و غيرها كثير من المواعيد الثقافية الوازنة يجعل أكادير ايضا نقطة جلب للسياحة الثقافية خاصة مع الاستعانة بالقطب الجامعي المتنوع الشعب و الروافد التي تشمل مجموع الجنوب المغربي و تمتد الى افريقيا .
اما على مستوى السياحة الاستشفائية ، و مقابل تدهور المراكز و المستشفيات بمجموع الجنوب المغرب ، واخدا بعين الاعتبار حجم الاستثمار في المصحات بمدينة أكادير يمكن لمدينة أكادير ان تقدم نفسها مدينة طبية للجنوب و افريقيا ولما لا اوروبا حسب الخدمات و الأثمنة . والتي يعززها المركز الاستشفائي وكلية الطب.
اما المركز الترفيهي الاول بافريقيا والمرتبط بالتيليفيريك وقصبة أكادير اوفلا ، فيمكن أن يكون نقطة جذب ليس فقط في الصيف و لكن حتى في باقي الفصول بفضل الجو المعتدل للمدينة .
وهاهي بطولة كأس أمم إفريقيا و كاس العالم للأندية و كأس العالم وبعد ايام نهائي كاس العرش ، وكلها محطات لجذب نوع خاص من الزوار قد يزعجون، خاصة المواجهات بين الفرق الوطنية .
وبعد سنوات من الآن ستربط المدينة بخط السكة الحديدية و القطار السريع و الحافلات ذات الجودة العالية ، و تهيئة مطار المدينة ،و الانتهاء من الخط السريع بين المدينة وكل الجهات الجنوبية …
كل هذا يؤدي إلى نتيجة حتمية وهي ان أكادير في المستقبل لن تبقى في ملك ساكنتها ،وان هذه الساكنة مطالبة ان تتوفر على كفاءات قادرة على مواكبة هذه الدينامية وفي مختلف القطاعات و المرافق و المؤسسات ،
هذه الساكنة مطالبة ان تتحلى بمزيد من لباقة حسن الضيافة و حسن الاستقبال و حسن تقديم الخدمات،
ساكنة المدينة مدعوة أن تستوعب ان المدينة لو تم تكريسها كعاصمة للثقافة الأمازيغية فإنها ايضا ستتكلم بكل اللغات ،و الساكنة مدعوة أن تقبل على معاهد اللغات حتى تكون قادرة على التواصل مع الزوار و تقدم لهم الثقافة المحلية و الهوية الوطنية الأمازيغية بشكل يجعلها بالفعل مدينة عالمية مثل طنجة ومراكش …
ساكنة أكادير لا يليق بها أن تبقى متفرجة ومدينتها تتحول الى الافضل ، حافلاتنا وجب أن تكون كلها ذات جودة عالية ، و سيارات الأجرة العتيقة وجب أن تختفي من شوارع المدينة ، و كل مظاهر ترييف المدينة يجب ان تتوقف، من العربات المجرورة بالبغال ،و النباشة و الكلاب الضالة والمتسولين و كل من هم في وضعية الشارع ،
ولكن ايضا على الدولة ان تسارع الى إعادة هيكلة سفوح الجبال ،وهذا ليس من اجل سواد عيون الزوار ولكن صيانة لكرامة هؤلاء المواطنين الذين يعيشون انفصاما في الانتماء بين مجال هش قروي و مجال مدني متطور .
وآن الأوان أن نعيد النظر في حجم التواجد الأمني بالمدينة الذي يحتاج الى تعزيز ،واستثمار الاتفاقية الموقعة على هامش الابواب المفتوحة للأمن الوطني بإحداث مقر يليق بالمدينة و يوفر فضاء للعمل يليق بتضحيات رجال الامن .
أكادير لن تبقى ” تمازيرت “, إنها ستصبح مدينة عالمية تتكلم بكل اللغات و منفتحة على كل الآفاق .
فكونوا في مستوى هذا التحول
فهل تعتبرون ؟