باحثون يلتئمون في الرباط حول قضايا تهم إبداعية الصحراء
عرف مدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط يومه 22 أبريل 2024 ندوة دولية حول “إبداعية الصحراء: من أجل قراءات نقدية متداخلة” من تنظيم كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط والمنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية وبمشاركة عدد من الدول، الكويت ومصر وليبيا والعراق وهولندا. وهي ندوة تعكس واقع الحياة الطبيعية والاجتماعية وثقافة الصحراء العربية باعتبارها امتدادا طبيعيا لعصور سابقة من حيث شعرها ولغتها وثقافتها. كما تعد مساهمة حقيقية لإبراز علاقة الإنسان بالصحراء التي اتخذت صورا وأبعادا إنسانية عميقة مفعمة بالرموز والدلالات.
عبرت السيدة عميدة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط الأستاذة الدكتورة “ليلى منير” في كلمتها الافتتاحية عن شكرها العميق لكافة المتدخلين في تنظيم الندوة الدولية حول “إبداعية الصحراء: من أجل قراءات نقدية متداخلة” خاصة مهندس هذا اللقاء العلمي الدكتور محمد جودات. فالندوة العلمية همزة وصل بين مختلف الثقافات والشعوب، ومناسبة حقيقية للتعريف بإبداعية الصحراء وما تحمله من أبعاد ودلالات رمزية. فهذه الندوة الدولية مساهمة حقيقية لربط الحاضر بالماضي والالتفات إلى قضايا تخص البادية والصحراء العربية على مر العصور والتي تم إثراؤها من خلال التداخل بين الثقافتين الشفهية والمكتوبة كوسيلة من وسائل التعبير عن علاقة الإنسان بالصحراء التي اتخذت صورا وأبعادا إنسانية عميقة مفعمة بالرموز والدلالات. لذا تطمح هذه الندوة إلى الكشف عن إبداعية الصحراء وما تحمله الذات من تصورات حول التنظيم القبلي وطبيعة الحياة البدوية وقيم الثقافة الصحراوية، وما تحمله هذه الثقافة من مثل وتصورات ورموز متغلغلة في المجتمع الحضري والبدوي على حد سواء. وفي كلمته الافتتاحية عبر الأستاذ الدكتور محمد جودات رئيس المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية عن أهمية الاهتمام والعناية بقضية الصحراء التي تأتي في صلب الأولويات من خلال الشراكة القائمة بين المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية. وهي شراكة تأتي في سياق تعزيز الاشتغال على قضية الصحراء والانفتاح على مختلف الدراسات البينية والتداخل الثقافي.
أشار الأستاذ الدكتور محمد أديوان في مداخلته “خصائص ثقافة الصحراء” إلى أهمية الصحراء باعتبارها مكونا مجاليا في العالم بأسره. فالصجراء فاعل منتج لثقافات معينة انطلاقا من مفهوم القبيلة والعيش المشترك دخل مجال الصحراء، فالمجال الصحراوي يتسم بخاصية الانفتاح وله خصوصيته وهويته التي تميزه، كما أنه مجال موحد ومتنوع. وقدم الأستاذ الدكتور صالح الحربي في مداخلته “نظرات حول غناء الصحراء في الكويت” خصائص منطقة الكويت مشيرا إلى بعض العادات والتقاليد المتصلة بالصحراء والناقة والحياة الصحراوية والغناء.
وركزت الدكتورة فتيحة بلعباس في مداخلتها على ثقافة اللباس الصحراوي والهوية الصحراوية. فالممارسة الثقافية ارتبطت بأنماط الحياة. ذلك أن الانسان المغربي الصحراوي عبر من خلال لباسه عن ثقافته وهويته الصحراوية. فاللباس علامة وأيقونة تشي بالثقافة والهوية. وأشارت الدكتورة رشيدة العلوي إلى مفهوم التراث على المستوى الدولي التي تشمل المعمار والهندسة المعمارية والغرض منه تنمية السياحة وحماية المعرفة المحلية، فهو جزء لا يتجزأ من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعرفت بالباحثة ببعض الواحات المغربية مشيرة الى أهم خصائصها. وبين محمد الصغيري بعض القيم المستمدة من شعر الصحراء التي تعد الفضاء الذي عاش فيه الإنسان العربي بحيواناتها ونباتاتها. فالإنسان العربي اتصف بالكرم والشجاعة والوفاء والصبر كما عبر عن تفاعله مع المكان والزمان وهذا ما دل عليه شعر شعراء ما قبل الإسلام وشعراء صدر الإسلام.
وأكد محمد لهلال في ورقته البحثية على ظاهرة الممارسات الثقافية وكيفية التعامل مع البيئة الصحراوية من منظور ثقافي بالتركيز على مفاهيم الهوية والقبيلة والجسد… وتتمثل الممارسات الثقافية في كيفية التعرف على الممارسات الثقافية واللغوية والممارسات المتصلة بالعلاقات الأسرية والتنظيمية والعادات والأعراف وأنماط التمثلات ورمزية الجسد والأمثال والخرافات والأساطير وغيرها من الممارسات التي تعكس التنوع الثقافي والإثني والسيكولوجي. مركزا على أهمية البعد المعرفي في فهم طبيعة الإنسان الصحراوي وفق هذه الممارسات الثقافية.
وعبرت الدكتورة الغالية ماء العينين عن دور المرأة في الفضاء الحساني وعلاقتها بالجانب الإبداعي. فمكانة المرأة على حد تعبيرها متصلة بالإنتماء إلى مجموعة معينة وإسهامها في تنميتها ومشاركتها الفعالة في أشغالها. وبين جواد الزروقي في مداخلته الخصائص الفنية لشعر الروايس باعتباره شعرا موسيقيا يتناول موضوعات كثيرة. مشيرا إلى أهمية هذا النوع من الشعر الأمازيغي كشعر معبر عن الهوية الوطنية والتجربة الذاتية والجماعية. ممثلا لنماذج شعرية عبرت عن قضية الإنتماء إلى الوطن والدفاع عن الهوية.
وعبر الدكتور لمنور بوبكر على أهمية ثقافة الصحراء كثقافة متجذرة وممتدة تسكن الوجدان والتاريخ فقد تميزت بالكثير من الاسماء والمبدعين الذين ساهموا في التعريف بها فالصحراء كنز ومنبع للسحر والحرية بجمالها ومبدعيها. وركز ناصر مؤنس في مداخلته على أهمية الرموز والدلالات المجسدة للصحراء التي تتبدى كرمز دال على معاني متعددة منها ما يتصل بالجمالي والديني والإبداعي والأسطوري.
وفي ختام الجلسات العلمية، عبر الدكتور محمد جودات عن التداخل الصحراوي في الثقافة المغربية والتداخل الثقافي في الثقافات الصحراوية. مؤكدا على أهمية الحضور العلمي الصحراوي من خلال الوثائق العلمية الدالة عليه. فالبعد الثقافي مهم في الدراسات البينية الذي يعزز مسألة التداخل والتفاعل فضلا عن المشترك الثقافي القائم بين الصحراء والعالم العربي من خلال الدبلوماسية الثقافية التي تعد أحد أهداف المنظمة الدولية لحماية التراث.
وقد عرف اللقاء العلمي تكريم الاستاذ الدكتور صالح الحربي من دولة الكويت ممثل المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات.