“الهروب المذهل” لمدير المخابرات الداخلية الجزائرية السابق إلى إسبانيا يهز النظام ويثير اهتمام الإعلام العالمي

أثار فرار الجنرال الجزائري عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، المدير السابق لجهاز الأمن الداخلي (المخابرات)، ووصوله إلى السواحل الإسبانية على طريقة المهاجرين غير النظاميين، اهتماما واسعا في وسائل الإعلام العالمية، التي سارعت إلى تفكيك خلفيات الحادث، في وقت لزمت فيه الصحافة الجزائرية الرسمية الصمت وفضّلت الابتعاد عن هذا الملف الشائك وغير المسبوق.
ويُنظر إلى عبد القادر حداد باعتباره “الصندوق الأسود” للنظام الجزائري، إذ شغل لسنوات طويلة منصبا حساسا على رأس جهاز الاستخبارات الداخلية، ويُعتقد أنه يحمل بين يديه أسرار الدولة الجزائرية وأرشيفها غير المعلن. هذه المكانة جعلت قصة فراره مادة دسمة للصحافة الدولية، التي ربطتها مباشرة بخطورة المعلومات التي قد تكون بحوزته.
وقد قلب هذا الهروب المفاجئ المشهد الأمني والسياسي في الجزائر رأسا على عقب، حيث أكدت تقارير وشهادات محلية انتشارا كثيفا لوحدات الجيش والأمن في العاصمة الجزائرية وعدد من المدن الأخرى بحثا عن الجنرال الهارب، الذي يشكل، حسب مراقبين، أحد أهم ركائز استقرار السلطة ومخزن معلوماتها الاستراتيجية.
وفي تعليقه على الحدث، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “هروب رئيس الاستخبارات الداخلية الجزائرية، الذي ظل لسنوات طويلة في هذا المنصب، ليس حدثا هينا أبدا، بل من شأنه أن يزعزع أركان النظام الجزائري”. وأضاف أن “هذا الهروب، إلى جانب العرف المتجذر في الجزائر والمتمثل في متابعة كل من شغل منصبا حساسا أمام القضاء العسكري بعد مغادرته، يكشف حجم الصراع القائم بين أجنحة النظام”.
وأوضح بن زهرة أن “تأكد خبر وصول هذا المسؤول الأمني السابق إلى إسبانيا سيشكل زلزالا داخل أركان السلطة؛ فالرجل ليس مجرد ضابط متقاعد، بل مسؤول أمني كبير بحوزته معلومات تُعتبر كنزا استراتيجيا، منها ما يتعلق بمجازر العشرية السوداء، والعلاقات مع جبهة البوليساريو، والتدخلات في منطقة الساحل، وتسليح الجماعات الإرهابية”.
وأضاف المعارض الجزائري أن “هذا الهروب قد يعيد ترتيب موازين القوى داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، حيث يمكن أن تخرج الصراعات الداخلية إلى العلن مع احتمال تسريب أسرار مرتبطة بالهيمنة والسيطرة على أجهزة الدولة”. كما اعتبر أن “تسريب معلومات عن تحركات ومخططات النظام سيؤثر دوليا على صورة الجزائر، وسيجعلها عرضة لضغوط خارجية كبيرة، ويضعها في دائرة الضوء العالمي”.
وخلص بن زهرة إلى أن “المعطيات التي قد يكشف عنها رئيس المخابرات السابق ستكون بمثابة صفحات سوداء من تاريخ النظام الجزائري، سواء تعلق الأمر بالجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الشعب، أو بالمخططات الخارجية، أو بتفاصيل غير معلنة من قبل حول أساليب التحكم والقمع والفساد داخل مؤسسات الدولة”.