تحقيق

استهداف رموز الدولة موجة معاكسة للتيار التنموي للمغرب

د.أحمد درداري
ان ما تقوم به “لوموند” في باريس و”إل كونفيدنسيال” و”الإندبندينتي” و”إل إسبانيول” في مدريد. هو بغرض قيادة حملة ممنهجة غايتها إضعاف القدرة السياسية المغربية واستهداف ركائزه الأمنية الضامنة للإبحار في عالم متنافس اقتصاديا وتجاريا وصناعيا. ويجب في المقابل ليس الاكتفاء بالرد على هذه الصفحات وإنما يجب ايضا تأسيس صفحات متخصصة في فضح ومناهضة مصالح هذه الدول، وخلق توازن قوي يثبت من خلاله المغرب قدرته على التعامل بالمثل والرد المناسب، لان الأمراض الغربية تجعل من التطور التكنولوجي والحضاري الزائف لا يقف عند حدود الاختلاف بالاحترام المتبادل، بل يخترق كل الانساق وكل النظم ويجعلها محطة سخرية، انطلاقا من هدم قيمها ورغبتها في هدم كل القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية.
ان الحديث عن التشكيك في الشرعية وإفساد العلاقات والروابط الدينية والسياسية والاجتماعية لبنى الدولة المغربية، كلها محاولة لإيقاف الزحف المغربي نحو نادي الدول الصاعدة، وإلحاقه بقائمة الدول التي تم تفكيك أنساق نظمها و قواعد أنظمة حكمها و هدم أمن الدولة فيها.
ان الانطلاق من المكتسبات التي حققتها الثورات الغربية واعتبار المواطن الغربي من الدرجة الاولى وإحاطة العلاقات الدولية باتفاقيات ومعاهدات تفرض شروطا معجزة لبقية الدول، لتبقي على دول الجنوب تابعة و إبعادها عن تحقيق أحلامها وإخضاعها للتبعية المذلة لوجودها، وفرض بروتوكولات وقوانين تحاصر تطورها سواء في التعليم او في الصحة … لكن في المقابل اصبحت مع الثورات المضادة التي تعرفها دول الجنوب في جميع المجالات، قادرة على حل أزماتها الداخلية، ومن الطبيعي شن حملات منظمة هدفها تقويض أعمدة هذه القدرة الصامدة في وجه التخريب والمؤامرات، وتجنيد أقلام وتخصيص أموال طائلة لتفكيك الأنساق الأمنية المغربية وضرب رجالاتها ورموزها الوطنية.
ان المهام الأمنية الجديدة للمملكة المغربية اصبحت تنافس مهام الأجهزة الامنية والاستخباراتية والعسكرية العالمية، بل اصبح تحريك لعبة الشطرنج الدولي تحت أعين وبعلم الاستخبارات المغربية، وهذا ما اقلق بعض السياسيين المتلاعبين بمصالح دولهم، كاللوبيات المتاجرة في حقوق الشعوب والداعمة للتخريب باسم حقوق الانسان وباسم حرية التعبير.
إن موقع المغرب الجغرافي و مؤهلاته جعلته كشريك دولي لا غنى عنه سواء في مكافحة الإرهاب أو في مجال الهجرة غير النظامية، او التعاون الدولي عبر الحدود وملاحقة المحرر في حقهم مذكرات بحث دولية. و ان الإشكال الحقيقي يرتبط بالسلطات الرسمية في الدول، لأنها هي المسؤولة عن السماح للمؤسسات الموازية بالسير في الاتجاه المعاكس لمصالح دولها ، حيث نجد فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا…. تعترف بقدرات الدولة المغربية وتربطها شراكات متنوعة وتعاون كبير في عدد من المجالات بما فيها التعاون الامني القانوني والقضائي، لكن هذا النجاح لا يرضِي تلك اللوبيات،المتضررة سواء في باريس أو مدريد، ناهيك عن دول الجوار التي تعلن عداءها صراحة وتمول حربا إعلامية بملايين الدولارات، محاولة خلق أزمات داخلية وتلطيخ صورة المغرب، بينما الحقيقة هي محاولة تصدير ازماتها الداخلية نحو المغرب عسى ان يطول عمر حكم العسكر الفاسد.
ان الحضور المغربي المتنامي والمزعج إقليميا وقاريا هو الذي أثار التشويش عبر استهداف المؤسسة الملكية والمؤسسات الأمنية الداخلية كالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) والمديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)… الخ، فقط لكون الملك مدافع عن وحدة وطنه وشعبه، ولم يعرض اي منهما للأذى، كما أن النجاحات العملياتية للمؤسسات الامنية تحاصر جميع محاولات التسلل للبيت الأمني، او خلق صراع داخلي يقوض النظام الملكي أو التماسك السياسي والمؤسساتي، وجني ثمار ذلك على المستوى الخارجي.
ان الرد الحقيقي يجب ان يكون طبقا لقاعدة المعاملة بالمثل، واثبات القدرة المناعية ضدا الفيروسات، وابراز القدرة على هزم الخصوم بنفس الوسائل او بالوسائل البديلة كالتي تضر بهم إذا رفع المغرب يد التعاون عنها.
ان ماتقدمه المملكة المغربية على مستوى المتوسط، من إنجازات أمنية جعلت منها شريكا موثوقا. بل تم محاصرة الجريمة المنظمة، واصبح المغرب قادر على تأمين ظهر اوربا أمنيا، وكل خلل في العلاقات المغربية الاوربية سوف يكلف اوربا خسائر كبيرة.
ان رموز الدولة المغربية ومكانتها ودورها وشرعيتها هو شأن داخلي والصراع لا يمكن ان يكون أطرافه خارجية والا نكون امام المؤامرة، حيث يبقى للشعب بما يملكه من مشاعر الوطنية وحرية التعبير و التصرف قياسا على ما تؤمن به الجهات المعاذية للمغرب الحق في الرد على المساس بسيادة وطنه، وقد اثبت التاريخ أن الازمة الداخلية للمغرب تنعدم في حالة وجود خطر خارجي.
هذا ولا يمكن التعامل مع الاستهداف بالتبرير على عكس ما تورجه الأقلام البائسة، بل يجب التنبيه لحدود الاحترام التي تقول لا تؤتي فعلا إذا أتاه غيرك نحوك أضر بك. مع استمرار المغرب في الرفع من القدرات الدبلوماسية الاقتصادية والأمنية، ليبصم في سجل الإنجازات العالمية التي على اثرها سيتشكل النظام العالمي المتعدد الأقطاب،
وتجاوز عتبة التصنيف بين الشمال والجنوب.
فالملك قبله ملك وبعده ملك، والشعب مع الملك من قبل ومن بعد والملك مع الشعب من قبل ومن بعد، والامن من الملك و الملك من الامن وكفى بالمؤمنين شهيدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى