بومالن دادس : العرس الأمازيغي… حين تتحول الساحة إلى مسرح للذاكرة الحية

بومالن دادس : العرس الأمازيغي… حين تتحول الساحة إلى مسرح للذاكرة الحية
يوسف القاضي
في إطار فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان تملسا للزي التقليدي بمدينة بومالن دادس، عاش سكان المدينة وإقليم تنغير عامة، مساء الجمعة 8 غشت 2025، على إيقاع رحلة زمنية إلى قلب العادات الأصيلة لعرس واحة دادس، من أولى لحظات الخطوبة “تترى” إلى آخر طقوس الاحتفال “تسي”، وذلك في أجواء احتفالية احتضنتها ساحة الجيش الملكي ابتداء من السابعة والنصف ليلاً.
افتتحت الأمسية بكلمة ترحيبية للأستاذ أحمد زرير، الذي بسط أمام الحاضرين ملامح العرس التقليدي وأبعاده الثقافية، مسلطًا الضوء على ارتباطه الوثيق بالزي الأمازيغي الذي يتصدر هوية المهرجان.
تلت ذلك كلمة خديجة أيت مالك، رئيسة لجنة العرس، التي استعرضت أمام الجمهور أهم محطات هذا الموروث. كانت البداية بطقس “إغمان”، حيث يقدم أهل العريس هدايا تقليدية وزياً أمازيغياً مفعماً بالألوان والرموز التي تحاكي معاني الخصوبة، الفرح، السعادة والحرية. كما تشمل الهدايا الحناء بما تحمله من دلالات رمزية وثقافية، وسط أهازيج شعبية تحضر فيها العائلة بكاملها دعماً للعروس في يومها الأجمل.
ومن أبرز المشاهد المؤثرة، لحظة وضع أثواب الحرير متعددة الألوان على رأس العروس، في إشارة إلى الحب والوفاء وارتباط الأمازيغ بأرضهم وبيئتهم. بعدها يبرز دور “عريف أحيدوس”، الرجل المعروف بحماسه للفن، الذي يتولى دعوة فرق أحيدوس المشاركة لتنطلق الحفلة بأهازيجها وإيقاعاتها الموزونة.
ثم يحين وقت موكب العرس، حيث تمتطي العروس دابة وتنتقل من بيت أسرتها إلى بيت العريس، ترافقها الأهازيج التي تتغنى بمناقب الأسرتين، قبل أن تحسم المفاوضات التقليدية، وتنتهي بدخول العروس إلى بيت الزوجية.
يمتد العرس الأمازيغي عادة بين ثلاثة وسبعة أيام، تتجلى خلالها أنماط العيش ومظاهر الفرح من خلال اللباس التقليدي، أطباق الضيافة، أساليب التزيين، الغناء والرقص، وغيرها من الطقوس التي تمثل عبوراً رمزياً من حياة العزوبة إلى حياة المسؤولية والارتباط.
وتمثل هذه الفقرة من المهرجان فرصة لإحياء الموروث المحلي وتعريف الأجيال الجديدة بجمالياته، في زمن بدأت فيه بعض هذه العادات تعرف تراجعاً ملحوظاً. إنها رسالة مفتوحة للجميع من أجل جمع هذه الذاكرة، توثيقها، وصونها من النسيان، حفاظاً على هوية المكان وروحه المتجددة.
