الضربات تتوالى على البوليساريو”.. عزلة دولية متزايدة ونداء داخلي لإنهاء المشروع الانفصالي

لم تعد رياح الدبلوماسية الدولية تهب بما تشتهيه جبهة “البوليساريو”، التي تجد نفسها اليوم محاصَرة أكثر من أي وقت مضى بعزلة خانقة وتراجع ملحوظ في الدعم الخارجي، مقابل اتساع رقعة التأييد الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية.

فبعد الموقف الداعم لإسبانيا والولايات المتحدة، جاء إعلان بريطانيا الأخير ليؤكد أن مشروع الحكم الذاتي هو “الأكثر واقعية ومصداقية” لحل النزاع حول الصحراء المغربية.

وفي سياق هذا التحول المتسارع، وجهت “حركة الصحراويين من أجل السلام”، التي تمثل تيارًا داخليًا منشقًا عن الجبهة، ضربة موجعة للبوليساريو، بدعوتها الصريحة إلى حل هذا التنظيم الذي وصفته بـ”المستنزَف”، معتبرةً أن استمراره لا يخدم سوى وهم حرب عبثية باتت مكشوفة العجز سياسيًا وميدانيًا.

حرب خاسرة وطائرات مسيّرة حاسمةفي رسالة مفتوحة، هاجمت الحركة بشدة قرار قيادة الجبهة في نونبر 2020 بإعادة إشعال فتيل النزاع المسلح، واصفة إياه بـ”الخطأ الكارثي” الذي افتقد لأي منطق استراتيجي.

وأكدت الرسالة أن الطائرات المسيرة المغربية حسمت المعركة الجوية لصالح المملكة، مُحدثة تحولًا نوعيًا في ميزان القوى، في وقتٍ بدأت فيه الجزائر تتراجع عن تقديم الدعم العسكري المباشر، بينما تلوّح موريتانيا بوضع قيود على عبور الأسلحة في أراضيها، تعبيرًا عن قلقها المتزايد.دي ميستورا في مأزق..

وتدهور معيشي في تندوففي موازاة ذلك، يقترب المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا من نهاية ولايته دون تحقيق أي اختراق في مسار التسوية، ما يعمّق الشعور بالجمود السياسي.

في غضون ذلك، يعيش سكان مخيمات تندوف وضعًا إنسانيًا كارثيًا، يتسم بنقص حاد في الموارد، وانعدام الأمن، وتنامي الإحباط، ما يهدد باندلاع توترات اجتماعية داخلية غير مسبوقة.

نداء إلى العقلاء: لا غالب ولا مغلوب الرسالة دعت النخب الصحراوية – من سياسيين وشيوخ قبائل وفعاليات مدنية – إلى فتح نقاش مسؤول يقطع مع منطق الشعارات الجوفاء، ويعيد ترتيب الأولويات بما يخدم مستقبل الصحراويين داخل حل سياسي واقعي يحفظ الكرامة ويضمن الحقوق.

وأشارت الرسالة إلى نماذج تاريخية لانفصاليين انتهت تجاربهم بالفشل، على غرار “الفارك” في كولومبيا، و”بيافرا” في نيجيريا، و”مجاهدي خلق” في إيران، مؤكدة أن “التاريخ لا يرحم”.خياران لا ثالث لهماواختتمت الرسالة بنبرة تحذيرية عميقة: “إما المضي في طريق مسدود ينتهي بالخذلان والانهيار، أو اقتناص الفرصة الأخيرة لبناء حل مشرّف، يحظى بضمانات دولية، ويشكل أساسًا لتسوية واقعية ودائمة بلا غالب ولا مغلوب”.

في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن البوليساريو تواجه ليس فقط انهيارًا في الشرعية الدولية، بل أيضًا تصدعًا داخليًا غير مسبوق، يعيد طرح سؤال الجدوى حول استمرار مشروع انفصالي تجاوزه الزمن والوقائع.

Exit mobile version