مجتمع

تعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا : اتفاقيات استراتيجية لتطوير التراث والسينما

شهد مقر وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالرباط، يوم الثلاثاء 18 فبراير، لقاءً بارزًا جمع بين وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، ونظيرها المغربي، المهدي بنسعيد. هذه الزيارة الرسمية تُوجت بتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الهادفة إلى تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين في مجالات السينما، الأرشيف، التراث والبحث الأثري.

شراكات لتعزيز الأرشيف السمعي البصري

في إطار الحفاظ على التراث السينمائي والسمعي البصري، تم توقيع إعلان نوايا بين المغرب وفرنسا لتعزيز التعاون في مجال الأرشيف السينمائي. وقد أبرمت الخزانة السينمائية المغربية اتفاقية مع المعهد الوطني الفرنسي للسمعي البصري (INA)، وقعها كل من نرجس نجار، مديرة الخزانة السينمائية المغربية، وأجنيس شوفو، المديرة العامة المساعدة للمعهد الفرنسي. وتهدف هذه الشراكة إلى تبادل الأرشيف، تنظيم العروض السينمائية والندوات، إضافة إلى توفير برامج تدريبية وإقامات ثقافية.

كما تم توقيع اتفاقية أخرى بين الخزانة السينمائية المغربية والمكتبة الوطنية الفرنسية (BnF)، وقعها جيل بيكو، رئيس المكتبة الوطنية الفرنسية، وتشمل هذه الاتفاقية تبادل الخبرات في حفظ الأرشيف السمعي البصري، الوصول إلى أرشيف “باتي” الرقمي، وتنظيم برامج تدريبية للحفاظ على الأرشيف الصوتي.

المعهد الفرنسي بالمغرب، من خلال رئيسته إيفا نغوين بينه، وقع اتفاقية مع نرجس نجار لدعم الخزانة السينمائية المغربية عبر منصة “سينماتيك إفريقيا”، مع تمويل مشاريع ترميم الأفلام وتنظيم فعاليات مرتبطة بحفظ التراث السينمائي، مثل ترميم فيلم “الجرف” للمخرج فوزي بنسعيدي”.

تعاون استراتيجي في الصناعة السينمائية

تم توقيع اتفاق بين المركز السينمائي المغربي (CCM) والمركز الوطني للسينما والصورة المتحركة الفرنسي (CNC)، يهدف إلى تنظيم لقاءات للإنتاج المشترك بين المهنيين المغاربة والفرنسيين، مع إطلاق أول نسخة خلال مهرجان كان السينمائي 2025.

كما سيتم دعم تكوين المواهب السينمائية بمدينة الداخلة عبر المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما (ISMAC)، إضافة إلى برامج لدعم إنتاج الألعاب الإلكترونية من خلال مبادرة “Game Crealab”.

حماية وتطوير التراث الثقافي المغربي

في قطاع التراث، تم توقيع اتفاقية بين مديرية التراث الثقافي المغربية، والمركز الوطني للآثار الفرنسي، وقعها كل من مصطفى جلوك، مدير التراث الثقافي بالمغرب، وماري لافاندير، مديرة المركز الفرنسي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى وضع استراتيجية لحماية أكثر من 30 موقعًا أثريًا مغربيًا، تطوير تجربة الزوار، تدريب المهنيين، وإدخال تقنيات رقمية لإحياء التراث.

أما في مجال علم الآثار، فقد وقع المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث (INSAP) اتفاقية مع المعهد الوطني الفرنسي للأبحاث الأثرية الوقائية (INRAP)، وقعها كل من عبد الجليل بوزوگار، مدير INSAP، ودومينيك غارسيا، رئيس INRAP، والتي تهدف إلى تنظيم المؤتمرات العلمية، المساهمة في التكوين الأكاديمي، وإجراء حفريات أثرية مشتركة.

التعاون في حفظ الأرشيف والمكتبات

تم توقيع اتفاقية تعاون بين أرشيف المغرب وإدارة الأرشيف الفرنسية، وقعها لطيفة مفتقر، مديرة الأرشيف المغربي، وبرونو ريكارد، مدير الأرشيف الفرنسي، والتي تتضمن إعادة النظر في القانون المغربي للأرشيف (69.99)، وتنظيم دورات تدريبية لتعزيز الكفاءات المغربية في هذا المجال.

أما في قطاع المكتبات، فقد تم توقيع اتفاقية بين المكتبة الوطنية للمملكة المغربية (BNRM) والمكتبة الوطنية الفرنسية (BnF)، وقعها كل من سميرة مليزي، مديرة المكتبة المغربية، وجيل بيكو، رئيس المكتبة الفرنسية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تنظيم برامج تدريبية حول إدارة الأرشيف السمعي البصري، تطوير المكتبات الرقمية، واستغلال الذكاء الاصطناعي في حماية التراث الأدبي.

كما سيتم تنظيم معارض رقمية حول التراث الأدبي والثقافي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تعزيز التعاون داخل “الشبكة الرقمية الفرانكفونية”، لتطوير منصة رقمية للأرشيف على موقع “Gallica” الفرنسي.

نحو شراكة ثقافية مستدامة

تجسد هذه الاتفاقيات التزام المغرب وفرنسا بتطوير التعاون الثقافي، وتعزيز التبادل المهني بين المؤسسات الثقافية لكلا البلدين. كما تسلط الضوء على الدور المحوري للإبداع، التراث، والأرشيف في بناء علاقات ثنائية قوية ومتجددة، في أفق تعزيز إشعاع الثقافة المغربية على الصعيد الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى