قرار البنك المركزي العراقي بإيقاف الحوالات المالية لوكلاء “تيك توك” يثير جدلاً واسعا

قرار البنك المركزي : أثار قرار البنك المركزي العراقي، الصادر بناءً على طلب وزيرة الاتصالات هيام الياسري، بإيقاف الحوالات المالية المرتبطة بوكلاء شركة “تيك توك” في العراق، ردود فعل متباينة في الأوساط المجتمعية والإعلامية. تراوحت الآراء بين الترحيب بالقرار واعتباره خطوة لحماية المجتمع، وبين انتقادات شديدة باعتباره محاولة للتضييق على حرية التعبير وقطع أرزاق الشباب.
يستهدف القرار، الذي وُجّه إلى جميع المصارف والمؤسسات غير المصرفية، تقليص المكاسب المالية التي يحققها مستخدمو “تيك توك” عبر آليات مثل “التكبيس” والهدايا الافتراضية، وهي طرق شائعة يعتمد عليها كثير من المؤثرين على المنصة لتحقيق دخل مادي. وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العراق تزايداً في استخدام تطبيق “تيك توك”، الذي أصبح وسيلة رئيسية لكسب المال لدى شريحة واسعة من الشباب.
اعتبر مؤيدو القرار أنه “أفضل قرار اتخذته السلطة العراقية”، مشيرين إلى أن التطبيق أسهم في نشر محتوى غير هادف ويسيء لصورة المجتمع العراقي، خاصة فيما يتعلق بصورة المرأة والرجل. واعتبر البعض أن التمويل الذي يحصل عليه هؤلاء المؤثرون لنشر “محتوى هابط” يجب أن يتوقف، مؤكداً أن هذه الخطوة هي بمثابة “مكافحة للانحطاط الثقافي” الذي يروج له التطبيق.
من جانب آخر، انتقد آخرون القرار بشدة، معتبرين أنه يمثل محاولة لفرض رقابة شاملة على الفضاء الإلكتروني. وأشاروا إلى أن الحل ليس في “قرارات رد الفعل” التي تحظر أو توقف الأنشطة الرقمية، بل في تعزيز الرقابة الذكية وخلق بيئة رقمية تشجع على الابتكار والإبداع. وأضافوا أن هذا النوع من الإجراءات “عنادي وغير مبرر”، مشيرين إلى أن الوزارة لا تتفاعل بشكل إيجابي مع الاعتراضات المتعلقة بمحتوى الإنترنت.
عبر بعض المنتقدين عن قلقهم العميق من التأثير السلبي لهذا القرار على فئة واسعة من الشباب الذين يعتمدون على “تيك توك” كمصدر دخل رئيسي. واعتبروا أن إيقاف الحوالات المالية سيؤدي إلى “قطع أرزاقهم”، مشيرين إلى أن الحكومة لم تضع في اعتبارها الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة لضبط المحتوى الرقمي دون الإضرار بمصادر الرزق. كما طالب البعض بإقالة وزيرة الاتصالات، معتبرين أن هذا الإجراء سيزيد من معدلات البطالة بدلًا من أن يعالج مشاكل الشباب.
يعكس القرار حالة من التوتر بين الحكومة العراقية ومستخدمي المنصات الرقمية. في الوقت الذي يُطرح فيه تساؤل حول مدى جدوى هذه الإجراءات في الحد من المحتوى غير المرغوب فيه، يزداد النقاش حول ما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى تقويم استخدام المنصات الرقمية، أم أنها ستفتح بابًا أوسع للانتقادات بشأن تقييد الحريات الفردية والاقتصادية.
في خضم هذا الجدل، تبقى أسئلة حول قدرة الحكومة على إيجاد توازن بين تنظيم الفضاء الرقمي وحماية حقوق الأفراد الاقتصادية والاجتماعية