الحولي الذي لا حول للمواطن على ثمنه !!!

playstore

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،يوليوز2024.
خلال عشر سنوات الماضية كان المغاربة يتباهون بأضحية العيد ،وانت تدخل حيا مغربيا تطربك اصوات الأضحية على سطوح المنازل . كانت الفرحة عامة ، كل الأسر تقتني أضحية العيد حسب المستطاع.
في هذه السنة الأمر مختلف ، لم تصل بعد اصوات الاضاحي الى الاحياء ،و الناس وكأنهم لازالوا يجمعون ثمن أضحية اصبح ثمنها صعب المنال ، وخيارات الإقتناء محدودة مادامت كل الاضاحي تتجاوز قيمتها الالفي درهم ،
لأول مرة سيكون المجتمع المغربي امام حالة من التفاوت الإجتماعي بين جيران الحي الواحد ، بين من يملك القدرة على شراء الأضحية ،وبين عاجز و مستغني.
لن تنبعث اصوات الاضاحي فوق كل الاسقف ،ولن ينبعث دخان الكباب من كل نوافذ المنازل ، ولن تجد النار موقدة للشواء امام كل المنازل ،
هذه السنة أعلنت العديد من الأسر عجزها عن اقتناء الأضحية ،و غالبيتها تنتظر حتى اليوم الاخير لعل معجزة تقع ، ليس في خفض الأثمنة ولكن في توفير اضاحي بثمن في حدود الالفين درهم .
التلفاز الرسمي يستعرض المواشي المستوردة و يتحدث عن اثمنة جد مناسبة ،و الوزراء يستعرضون فصول الميزانية التي خصصت الدعم لإستيراد الاضاحي من رومانيا واسبانيا ، لكن لا يجدها في السوق ،وحتى تلك المعروضة لا تتطابق اثمنتها مع ما يعرض بالتلفزة .
من مفارقات هذا العيد ان غلاء الماشية يرجعه ،”الكسابة” الى الجفاف و غلاء الاعلاف ،لكن في المقابل الاسواق يفوق فيها العرض الطلب ،كما ان الاضاحي من حيث حجمها وجودتها لا يظهر عليها آثار ضعف العلف سواء بسبب الجفاف او بسبب الغلاء …
كيف يمكن لمواشي رعيت ببلد يعرف جفافا و اعلافه المستوردة تعرف ارتفاعا ،وإذا ما قارنتها بتلك المستوردة تجد الفارق في الحجم و الهيئة و الوزن و المداق !!!!؟
الوفرة عرض و الطلب حاجة يفرضها العيد ، فكيف يكون العرض متوفرا و الطلب موجودا و يكون هناك لهيب في الاسعار ؟
ما سبب هذه الزيادة الصاروخية في اثمنة الأضحية ؟
إن كان بسبب الجفاف فالدولة قد استوردت مواشي لسد خصاص مفترض ، وإذا كانت بسبب غلاء الاعلاف ،فالدولة دعمت مربي المواشي ووفرت ما يكفي من الاعلاف وباثمنة مدعمة ، وإذا كان بسبب المضاربين و السماسرة و غلاء النقل وكراء مكان ب ” الرحبة”, فإن هذا يدل على ان الدولة فقدت تحكمها في السوق و في ضبط ومحاربة جشع تجار الأزمات وصانعيها…
وان كل ما يحدث كما كررنا في اكثر من مقال ،هو أزمة مفتعلة الغرض منها استغلال مناسبة العيد لمواجهة التضخم عبر جمع أكبر عدد ممكن من الملايين من جيوب المواطنين ،
عدد رؤوس الأغنام والماعز المعدة للذبح خلال عيد الأضحى يبلغ 3 ملايين رأس، وبتقدير ثمن الأضحية الواحدة سنكون امام ارقام بالمليارات التي سيتم تداولها بمناسبة العيد ،وهذا عامل مساعد لتحسين معدل التضخم !!!
سجلت القروض الممنوحة للأسر ارتفاعا سنويا بنسبة 1,8 في المائة، يغطي بالأساس ارتفاع قروض السكن بنسبة 2 في المائة والقروض الاستهلاكية بنسبة 0,1 في المائة.
هذه الارقام تنذر بأن اثمنة الأضحية اذا بقيت على هذا المستوى وزادت السنة المقبلة فهذا سيدفع بالاسر المغربية لتغيير سلوكها إزاء أضحية العيد و الاستغناء عنها تدريجيا مادامت سنة وليست فرضا .
نحن امام أزمة اقتصادية مفتعلة لمواجهة التضخم ستنتج عنها تحولات مجتمعية ستمس بالشعائر الدينية للمواطنين مما ستكون له انعكاسات كبيرة على المجتمع و امنه الروحي .
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى