إفتخر… فأنت في حضرة الأمن الوطني

playstore

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ، فاعل مدني من أكادير .
هي أبواب مفتوحة ،وكأن العنوان يوحي بأن هناك أبواب مغلقة وفتحت ،لكن فعاليات الإحتفال بذكرى تأسيس الأمن الوطني هي عرض مفتوح لجهاز منفتح يرفع عنه تلك الصورة التي تختزله في كونه جهازا محكوما بالسرية التي تضمن للوطن الامن و الامان .
أكادير وسط المغرب تقدم جهاز الامن الوطني في صورة مركبة لصور متكاملة يجتمع فيها البعد المهني بالابعاد الإجتماعية و الإنسانية.
فلسفة تنظيم هذه الايام هي بكل بساطة محاولة بسط عمل رجال و نساء الأمن الوطني لتحسيس المواطنين بحجم التضحيات التي يقومون بها ، تضحيات تشمل جوانب عديدة تصب جميعها في تكريس مفهوم الدولة التي تضمن الحقوق و الواجبات وترسم صورة لمؤسسات الدولة من حيث هي عمل يومي و إنخراط ديناميكي في مواكبة التحولات المجتمعية بحس استباقي يكون فيه التعامل مع سلوك المواطنين بحس يتجاوز الضبط الآلي الى حس إنساني يجعل من سلوك الفرد مقرونا بوحدة المجتمع و انسجامه ،وهنا يكون دور جهاز الامن الوطني ليس هو مجرد حفظ الأمن ولكن زرع الأمان وسط الناس .
ليس غريبا حجم التجاوب الذي حققته هذه الايام من حيث عدد الزيارات ، لكن اللافت للإنتباه هو نوعية الزيارات الجماعية المنظمة لهذه الابواب من مختلف مكونات المجتمع ،من جمعيات و هيئات مدنية ،و من شرائح مجتمعية تعكس مدى نجاح جهاز الامن في نسج علاقات مع مختلف مكونات المجتمع بشكل يجعل هذا الجهاز في صلب إهتمام المواطن ووعيه بادواره و عائلته.
وهكذا كانت الفقرات تجمع بين الفرجة الإستعراضية و بين التحسيس بأهمية ان يدرك المواطن انه جزء من عمل الجهاز الأمني ، بحيث لا يكون المواطن هو المستهدف بهذا الجهاز ،ولكن ان يكون المواطن مساعدا للجهاز في انجاح مهامه في التصدي لكل الخارجين عن القانون أو الراغبين في زعزعة استقرار الوطن .
الابواب المفتوحة فتحت بالفعل نقاشا هادئا حول الادوار المتعددة لجهاز الامن الوطني ، ادوار بعمق تاريخي كما تبينه الصور و الادوات المعروضة في المتحف الذي يتوسط الخيمة الكبيرة في هذا المحفل الوطني ،
وفي نفس الوقت وفي جناح وسط حشود الزوار حيث يسمع صوت القرآن الكريم بالقرب من حائط يضم صور شهداء الواجب الوطني كي يدرك المواطن من باب التذكير حجم المخاطر المحفوفة في عمل رجال الامن الذين يغادرون منازلهم كل يوم غير ضامنين العودة إلى حضن الأسرة ، لأن عمل الامن هو تضحية بالروح من اجل سلامة أرواح المواطنين .
ادوار واعية ومدركة بان نجاح أي جهاز يستوجب مواكبة التطور التكنولوجي الذي يخدم العمل النبيل والممثل في حفظ الأمن و الأمان وعلى مختلف المستويات وفق تصور حديث ينبع من حرص جلالة الملك محمد السادس في ان يكون الامن ليس مجرد مهنة او مؤسسات بل فلسفة نظام بأكمله يتكامل مع ادوار باقي مكونات الدولة .
و على جنبات الفضاءات الإستعراضية تتعالى التصفيقات لعمل رجال الامن وهو يبرزون كيف يتدخلون لحماية البسطاء من المواطنين في حالة تعرضهم للخطر بالاستعانة بالكلاب المدربة او عبر عربات ودراجات تلعب ادوارا غير محصورة في مجرد التنقل ولكن وفق فلسفة مهنية يكون فيها المركوب جزءا من مهام الراكب .
كل شيئ يبدو متكاملا ، بالسلامة الطرقية الى جانب المهام الإدارية لاستخراج البطاقة الوطنية ، و مهام البحث و التحري عبر رسم صور تقريبية للمشتبه فيهم ،و احدث التقنيات لرفع البصمات و حسن مسح ساحة الجريمة …
لكن ما زاد الابواب المفتوحة بهاء مسيرة حافظات القرآن الكريم ،فتيات وطفلات المدارس القرآنية محاطات بدراجات رجال الامن كما يحدث مع الشخصيات في المواكب الرسمية وفي ذلك تعبير عن قيمة القيم الدينية في عمل جهاز الامن الوطني ، وان هذا الجهاز بنفس الدرجة التي يواجه فيها الإرهاب الديني فهو يحتضن الإسلام المسالم و الداعي الى تماسك المجتمع عبر قيم التسامح و التعايش و الصفح و العدل و التضامن .
لقد فتحت الابواب المفتوحة الباب نحو مستقبل يكون فيه الامن مسؤولية مجتمع وفلسفة حياة ، و يكون فيه رجال و نساء الأمن مواطنون قبل أن يكونوا مكلفين بمهمة.
وفي المستقبل سيدرك الاطفال الذين يمرحون ويلعبون ببهو المعارض انهم حين يكبرون سيكونون امام مسؤولية وطنية كبيرة وهي جعل امن البلاد في صلب سلوكهم اليومي ،و اليقين ان الهروب من العقاب هو إعتقاد خاطئ ،و ان هذا اليقين يرسخ في عقولهم ليس بالتخويف و الترهيب و لكن بالتحسيس و التوعية .
بلادنا بخير مادام في كل عربة جهاز الامن رجال و نساء يخافون الله في سلوكهم و في حسن تدبيرهم لعملهم ،
وبلادنا بخير حين يدرك رجل الامن ان المواطن يعي حجم تضحيات مواطنين قد يختلفون عن باقي الناس في اللباس ،لكنهم في الحقيقة مواطنون آباء و أبناء يحسون و يحبون و يتفهمون و يميزون بين المواطن و المجرم و بين الضحية و الجاني …
لقد ابانت الابواب المفتوحة للأمن الوطني ان الوطن هو مواطنة قبل أن يكون وطنية ،و هو مسؤولية إحترافية قبل أن يكون إجراءات و مساطر قانونية .
وطننا بخير مادام الساهرون على سلامته يجسدون عطف جلالة الملك على رعاياه ، و ان الامن الوطن لم يعد عيون الوطن التي لا تنام بل اصبح العقل الذي يخطط و يبني صرح منظومة أمنية تنسجم مع نبض المجتمع قادرة على الإنقاذ في حالة الكوارث الطبيعية ،وقادرة على الحماية في حالة الإنفلات الامني ،و قادرة على فك طلاسم اعقد السلوكات المهددة لتماسك المجتمع فردية كانت او جماعية .
وطننا بخير. لان بيننا رجال و نساء يجعلون من بدلة رجل الامن رسالة مجتمعية يكون لابسها مواطنا حقيقيا يمشي وسط المواطنين يرعاهم و يصون حياتهم و مستعد التضحية من اجل سلامتهم.
هنا تصبح هذه الابواب نافدة يطل من خلالها المجتمع على عوالم الامن ،ليدرك المواطن ان مشيه بامان في الشارع و نومه في منزله او حتى في الفضاء العام ليس صدفة بل هو خلاصة عمل مضني و كبير و جسيم يبنى بالتضحيات و الدراسات و التحريات والضبط والانضباط اسعار الله الوطن الملك ، شعار يعكسه كل منتسب لجهاز الامن يخاف الله و يضحي من اجل الوطن و يتبع حامي الملة والدين جلالة الملك.
ولانك في المغرب فالتاريخ سيلقنك ان هذا الجهاز في حلته الحالية هو عصارة تاريخ غني بالاحداث و المنجزات و التضحيات.
هنيئا لنا بهذا الوطن … هنيئا لنا ب “تامغريبيت”, التي تضفي على اجهزتناالامنية خصوصية قل نظيرها بالعالم ،و جعلت بلادنا من اكثر البلاد أمنا وامانا.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه ،واعان الله ابناء هذا الوطن من رجال و نساء الأمن في أداء مهامهم.
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى