أوسعيد تكتب : أزمة ثقة

بقلم: أمينة أوسعيد

playstore

“أَنَا مَبْقِيتْشْ كَنْتِيقْ حْتَّى فْجْلَيْلِي” إنها الجملة الشهيرة التي يتكئ عليها معضمنا لتبرير إفلاس تعامله من الثقة. بسبب تجارب قاسية عشناها، غرس الشك أشواكه في خاصرتها، وعبثت بها أيدي الخيانة، ونفخت فيها رياح الخِلاَفات، فعصفت بعلاقات مثينة بنيناها في سنين، وتحطمت في طرفة عين. نزعت فيها ثقتنا العمياء نظارتها، لتبصر مدى سذاجتنا ونحن نمسك بشعرة معاوية حتى لا تنقطع، ونتمسك بأشخاص أعدموا ثقتنا ببرودة أعصاب…
فكانت النتيجة، الزوجة لا تثق بزوجها، لأنها استنزفت ما في جعبتها من فرص وهي تحاول تصديق مبرراته، وكل مرة يجهض ثقتها. والأب لا يثق بابنه، لأنه مستهثر ولا يعي أن الحياة ليست لعبا ولهوا فقط. الصديق لا يثق بصديقه، الجارة لا تثق بجارتها، الجار لا يثق بصاحب دكان الحي، صاحب الدكان لا يثق بسكان الحي، والقائمة طويلة إلى أن تنتهي بعدم ثقتنا بأنفسنا. لا أحد يثق بأحد ولا أحد يثق بمن حوله، سلم خشبي مكسور الدرج كلما حاولنا الوقوف على إحداها تزعزع، فاهتزت ثقتنا، وأصبحنا نعيش في دوامة الشك، الكل سيء الى أن يثبت العكس، والكل باع ذمته، إلا ما رحم ربي. علاقتنا الأسرية والمهنية، الخاصة والعامة أصبحت تقوم على مبدأ عدم الثقة، مبدأ نحمي به أنفسنا حتى لا تكتوي ثقتنا بنيران الخذلان، نُسَيِّج بالحيطة والحذر تعاملنا، والصادق فقط من يخترق كل أنظمة الحماية…
ثقتنا ببعضنا البعض اهتزت، وتحتاج إلى قوة حقيقية لإعادة بناء جسورها، حتى تتخلص من ذيول الخيبة التي تجرها عقب كل تجربة فاشلة، ونعيد النظر في طريقة تعاملنا، قبل أن يسقط من أعيننا أعز الأشخاص، ونشهر في وجههم بطاقة الطرد خارج حياتنا، بسبب أخطاءٍ، وأكاذيب تدق في نعش ثقتنا، فنشيعها الى غير رجعة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى