دلالات قرار المحكمة الأوروبية القاضي بابطال اتفاقين تجاريين مبرمتين بين الرباط والاتحاد الأوروبي

playstore

دلالات قرار المحكمة الأوروبية : اولا : بالنظر الى طبيعة القرار يبدو ان انه يحمل دلالة سياسية تنم عن وجود خلافات سياسية بين الدول الاوربية بشكل متفرد و حول المحاصصة بينها داخل الاتحاد، مما يتبين معه ان القرار لا يتصف بالحيادية القضائية المطلوبة ولا يعبر عن دول الاتحاد مجتمعة، و المحكمة لا يمكنها ان تبث في موضوع تتوفر فيه على وكالة سياسية للنظر في اتفاقيات تهم الدول المكونة للمحكمة، و تعتبر المحكمة نفسها طرفا في موضوع يتعلق بمصلحة قضاة الدول التابعة لها المحكمة في مواجهة طرف خارج عن المجموعة الاتحادية المؤسسة لهذه المحكمة وليس عضوا في الاتحاد الاوروبي، وتبدو المحكمة الاوربية جهاز يدافع عن كل القضايا التي لها علاقة بمصالح دول الاتحاد الأوروبي بدرجة أساسية مما يحعلها مهمة صعبة و تعرض قراراتها للتجريح من طرف دول الاتحاد.
ثانيا: كما ان لهذا القرار السياسي ترابط مع قرار الولايات المتحدة الامريكية، ويمثل معارضة و طعنا فيه، لكونها كانت السباقة للاعتراف بمغربية الصحراء، وعليه فان الاستثمار خرج من دائرة التلاعب بالوحدة الترابية للمغرب والتوجه نحو الشركاء الجدد بمن فيهم امريكا و دول اوربية فهمت التوجه الجديد و فضلت الحفاظ على مصالحها مع المغرب سيرا على نهج الولايات المتحدة مثل اسبانيا والمانيا وفرنسا و هولندا ودول اخرى….. لهذا تعرض قرار المحكمة للنقض السياسي من قبل دول اعضاء في الاتحاد الأوروبي نفسه، والمحكمة الأوروبية لا يمكنها منع اية دولة اوربية من ابرام اتفاقية شراكة مع المغرب.
ثالثا: ان هذا القرار يتماشى مع مصداقية خطاب جلالة الملك حينما قال “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
واضاف بالقول إننا “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
بالاضافة الى الاشارة الى ما تحقق من إنجازات كبيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي،لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة، بخصوص مغربية الصحراء”.
وذكر بما عبرت عنه العديد من الدول الوازنة عن دعمها ، وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.
و اعتبر جلالة الملك أن الموقف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية “شكل حافزا حقيقيا، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات”.
رابعا: تجدر الاشارة الى ان ان حدود اختصاص المحكمة الاوربية لا يصل الى اتخاذ قرار باسم سيادة الدول الاعضاء في القضايا التي تهم نفس الدول الاعضاء دون الأخذ بالاستشارة، وتبقى غير معنية بالوحدة الترابية للمغرب او غيرها لان مجال التعاون للاتحاد الاوروبي هو المجال الاقتصادي بالاساس، ولكون هذا الاخير غير قادر على التمثيل الديبلوماسي للدول فهو غير مرغوب فيه كشريك للمغرب لصعوبة اتخاذه قرار سياسي. وان قرار المحكمة لا يمنع الدول التي لها سيادة بأن تقرر في سياستها الخارجية و علاقاتها الاقتصادية خارج الاتحاد الاوروبي لاسيما اذا تعارضت مصلحتها مع لوبيات قضاء الاتحاد، لكونها تبقى صاحبة الحق و الاصل لكونها هي من قامت ببناء الاتحاد.
خامسا: ان البيان الصادر عن وزارة الخارجية المغربية، وأوردته الوكالة الرسمية حيث جاء فيه أن “المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة والبوليساريو من جهة أخرى”، ويبقى عين الصواب لكون المغرب لا يراهن على اي قرار يهم وحدته الترابية خارج اختصاص هيئة الامم المتحدة.
وان مضمون القرار لا يمثل أكثر من تشويش دون الغوص في العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات”.
لذا فان تضارب مصالح الدول الاوربية مع قرار المحكمة دفع عدد من الدول الى الاعلان عن احترام التزاماتها الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة مع المغرب”.
وتم التأكيد على موقف المغرب الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية”.
ولا يخفى على المجتمع الدولي ان قرارات مجلس الامن وما ذهبت اليه عدد من الدول من تأييد للحكم الذاتي، يفسر ان قرار المحكمة الاوربية لا يحدث اي أثر على القضية الوطنية، وانه فتح الباب امام الدول الاوربية لابرام اتفاقيات شراكة تتعلق بالمنتجات الزراعية، والصيد البحري.
سادسا: في الجهة المقابلة فتن الجزائر تلعب بمواقف بعض الدول لتقنعها بشراكات بديلة عن المغرب، واخذ مكانه اوربيا وافريقيا، باسم أوهام الشعب الصحراوي وكأن سكان الاقاليم الجنوبية هم سكان الجبال وليسوا في الصحراء، بل كأن وجود هؤلاء السكان غير ذي جدوىولا تهمهم ثروات الاقاليم، وأن المنتخبون لا يمثلون هؤلاء المواطنين. ذلك ان النزاع المفتعل بين الجزائر والمغرب هو نزاع بيد فرنسا الجزائرية لكونها هي التي استعمرت وهي التي رسمت الحدود وهي التي يمكنها المطالبة بالطلاق للشقاق بينها وبين نظام العسكر الجزائري، الذي يبالغ في الهجوم على المغرب ويبالغ في المطالب وادعاء المظلومية رغم انه احيانا يدعي انه محايد، والسبب هو ان فرنسا منحت له الارض دون سند الملكية ويخفي مغربية الصحراء الشرقية، و يروج فكرة سيطرة المغرب على الصحراء الغربية لتجنب المطالبة بالصحراء الشرقية المغربية، ويبذل قصارى جهده لكي يظل يهاجم المغرب خوفا من ان تنقلب عليه الطاولة ويتحول الى مدافع.
سابعا: ان قرار اعتراف الولايات المتحدة في فترة إدارة دونالد ترامب، بسيادة المغرب على صحرائه ابان عن التوافق الدولي الجديد والتوجه الذي سارت على نحوه الدول التي فتحت قنصليات لها بكل من العيون و الداخلة، وان التوجه المغربي نحو الواجهة الاطلسية خلق تكتلا. وتغييرا استراتيجيا اقتصاديا وسياسيا مهما سوف يقنن العلاقات بناء على معادلة رابح – رابح.
الدكتور أحمد درداري

رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

playstore
زر الذهاب إلى الأعلى