ان اصل المشكل في مستواه الاول يكمن في الحد الادنى للاجور الذي يجب مراجعته بنسب اكبر ،وإن كانت الدولة تحسب العملية بالكتلة العامة للاجور و تأثيرها على ميزانية الدولة و التزام الحكومة باقساط المديونية الخارجية و الاستثمار بعيد المدى ….
المستوى الثاني الذي يستوجب ثورة في التعامل مع الموارد البشرية هو معيار ومقياس وحساب التعويضات الجزافية خاصة عن السكن و الساعات الإضافية و النقل و التنقل وكثير من التعويضات المدرجة في أجور الموظفين بالقطاعين العام والخاص وغير محكومة بمعايير واضحة موحدة او متفاوتة بشكل مقبول .
نفس الشيئ بالنسبة للضريبة على الأجور والتي تعرف تفاوتات غير منطقية ،فتجد موظف الدولة يؤدي ضرائب مجحفة مقابل القطاعات الأخرى .
تخيل معي عزيزي القارئ ان قطاعات في الدولة الموظفون فيها يقومون بمهامهم ورغم اننا لا نتحدث عن نفس المهام ولا نفس ساعات العمل و لا حتى نفس ظروف العمل ،إلا ان هناك تفاوتا في الأجور ، من قطاع عمومي الى آخر وخير شاهد على ذلك المتصرفون و الأطر المشتركة بين الوزارات ….
إن القطاع العمومي كله ملك للدولة ،و الدولة تضع القوانين التي يفترض أن تحافظ على المرفق العمومي ، والمواطن يتصرف بمنطق أن القطاع العمومي هو ملكه و له الحق في التصرف في ملكه كما يشاء !!
فتجد الموظف العمومي يتعامل مع عمله منطق الحضور و الغياب و ليس بمنطق المردودية و العطاء . و التوظيف يكون لمحاربة البطالة و الحق في العمل و ضمان الحقوق من تقاعد وتأمين و تغطية صحية ، و هو ايضا البقرة الحلوب التي تعطي لصاحبها فرصة الإختلاس او سوء التدبير تحت غطاء النفوذ و السخرة للسياسيين و المنتخبين،
وهذا عكسه تماما يحدث بالقطاع الخاص حيث يمكن للموظف ان يعيش ابشع اشكال السخرة مقابل أجرة هشة و تعامل فج ،لكن القطاع الخاص يؤمن بالمردودية و العطاء المتواصل و التطور في المعارف …
مشكلة الدولة انها تسعى تدريجيا للتخلص من ثقل الأجور التي لا تؤدي غير دور محاربة البطالة ،فإتجهت الى المغادرة الطوعية ،و تلتها ببيع القطاعات العمومية وخوصصتها ،و تتجه تدريجيا إلى بيع تدبير المرافق الحيوية عبر التدبير المفوض و شركات التنمية …
ولو كانت الدولة صارمة مع القطاع الخاص بخصوص صيانة حقوق العاملين لكان للمغرب شأن آخر ،ولكان القطاع الخاص خير ملاذ للمعطلين ليس كمجال للشؤون الاجتماعية و لكن كفضاء للابداع يسمح بالعطاء و يمنح عنه الجزاء .
لكن واقع الحال ان القطاع الخاص مثل سمك البحر ،إن كنت صغيرا أكلوك برعاية من الدولة ،وإن كنت سمك قرش كبير أكلت الصغير و اكلت حتى الدولة و ايضا برعايتها .
وهذا ما يولد الزواج الكاتوليكي بين المال و السلطة ،ويكون ضحيته الأولى المواطن .
انتظروني في الجزء الرابع .
فهل تعتبرون ؟