بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،يوليوز،2024.
يقول المغاربة إن نظام الحكم علمهم قاعدة :مات الملك، عاش الملك
هذه القاعدة تجعل من المغاربة القوم الاكثر تقلبا في الحكم على الغير ، بمنظومة علائقية ترتكز على النفعية و لنقل المردودية .
مهما كان حب المغاربة لملكهم فهم في نفس اليوم الذي يحزنون فيه على وفاة ملكهم ،يفرحون لقدوم ملك جديد .
في الإنتخابات المحلية ،يمكن لقرية باكملها ان تنتخب لرجل تتبعه وتثق فيه ، ولكن في الإنتخابات الموالية يمكن ان تنقلب عليه لمجرد الرغبة في تغيير الشخص ، وكأننا امام حالة نفسية جماعية .
وفي الإنتخابات العامة تابعنا كيف رفع المغاربة صور رموز حزب صديق الملك في حركة عشرين فبراير و قيل ساعتها ان هذا الحزب إنتهى ،وفي الانتخابات الموالية يحتل المرتبة الثانية .
كما تابعنا كيف كانت المقاطعة تستهدف شركة أمين عام لحزب ، وبعد إجراء الإنتخابات منحته الصدارة ، وحزب باكمله رفع على الاكتاف بعد الربيع العربي ، وانقلب عليه الناخبون وكأنه لم يكن .
اللاعب المغربي الزلزولي قاد المنتخب الأولمبي لكسب كأس إفريقيا ،و التأهل للالعاب الاولمبيه ،يومها كان فوق الاكتاف ، وبعد مقابلتين في الاولمبيات نزلت الجماهير سخطا على اللاعب ، وتم تشويه صورته بشكل فج وقاسي ومؤلم ،
جاء الرد في المقابلة الثالثة حين استعاد اللاعب عافيته و سجل هدفا خرافيا ، وتحقق التأهل للمنتخب الاولمبي الى الربع بعد غياب يعود الى 1972.
فجأة تسابقت الأكتاف لحمل اللاعب و الفرح لما انجز ،والثناء عليه ،وشكره ، و نشر صوره .
هكذا وبشكل عفوي يصبخ منبوذ البارحة محبوب الجماهير اليوم !!!
هكذا هم المغاربة حتى قيل ان الروج في عزاء زوجته يحملق في وجوه الحاضرات يبحث له عن زوجة !!!
هل تبدو هذه العقلية في سلوكها بهيمية ؟ يصعب وصف عقلية شعب بالبهيمية ، و لكن النفعية تبدو لي اكثر دقة ،
المغربي يحب العلاقات المنتجة و المثمرة ، والمغربي يفهم دورة الحياة ،ويعرف كيف يتحكم في انتقالاته بشكل سلس ومرن .
والمغربي لا يقبل بالمردودية المرتبكة ، فالطاحونة لا تخطأ دورانها ، و الفلاح لا يميل في صفوف حقله والفقيه لا يستحم في حمام عمومي …
قدسية الاشخاص التي تصل درجة الكرامات واقعة ،لكن كلما شابت شائبة صاحبها الا وسقطت عنه تلك القدسية وتحول الى منبوذ .
في كرة القدم ، كلما كان اللاعب في يومه كان فوق اكتاف الجمهور يتغنون بفنياته و إبداعه ،لكن ما إن يضيع ضربة جزاء حاسمة ،او ان لا يكون في يومه ، تنقلب عليه الجماهير و بدل التغني به يتم خلق النكث و السب و الشتم …
لماذا نقسو على من نمنحه حبنا لمجرد مروره من حالة فراغ ؟
لماذا نقسو على منتخبين ثقنا فيهم نغيرهم لمجرد التغيير من اجل التغيير غير ملتفتين لما انجز ،او عقابا على هفوة ولا تشفعل له كل اعماله .
يجب ان نتعلم ان لا نقسو على بعضنا البعض ،وان نمنح للمريض الفرصة حتى يشفى ، و للتلميذ المتعثر في دراسته المصاحبة حتى يتجاوز تعثره ، وان نغفر عند المقدرة ،وان نتغاضى من اجل الاستمرارية ، ونسامح من القلب وليس رياء …
لا تتعاملوا مع الناس كالبطاريات ،كلما انتهت واحدة نرميها ونأتي بأخرى ،
الزلزولي مر من مرحلة فراغ فكان الرد قاسيا عنيفا لا يراعي ما قدمه اللاعب للمنتخب وبنفس القسوة تم لفه بالحب لمجرد انه ابدع ،
في تقديري هذه العقلية يجب ان تنتهي ، ولنجعل علاقاتنا بقيم اعمق من النفعية ومن السطحية و من إنكار الجميل .
فهل تعتبرون ؟