زلزال الحوز يفرض على المقاولات المغربية الآن واجبا وطنيا

بقلم سمير السباعي

تعيش بلادنا هذه الأيام تعبئة وطنية من أجل تدبير تداعيات الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز و بعض المناطق الأخرى القريبة منه على مستوى جهة مراكش، ليلة الجمعة 08 شتنبر 2023م. صحيح أن هذا الحدث الطبيعي فرض على كثير من ساكنة المناطق المنكوبة أن يعيشوا تجربة الموت أو أن يصبحوا موضوعا لمحاولات مضنية لبحث المنقذين و المتطوعين أملا في سماع صيحات حياة تنبعث من وسط هذا الركام أو ذاك. إلا أن المهم الآن في هذه المرحلة من تاريخنا المغربي الراهن هو أن نضمن استمرار أقصى درجات الفعل التضامني من طرف الدولة و باقي هيآت المجتمع المدني المغربي مع ضحايا و منكوبي الكارثة، ضمن خطة عمل واضحة المعالم والأهداف يكون محركها بالأساس هو الاستجابة للأوليات العاجلة المطروحة من إخراج العالقين تحت الحطام و إسعاف الجرحى و توفير الفضاءات الآمنة للذين انهارت مساكنهم أو الذين أصبحت دورهم مهددة فعلا بالانهيار نظرا للطابع التقليدي لأغلب مساكن المناطق المعنية، التي لم تعد قادرة على تحمل الاهتزازات الارتدادية التي ما تزال تعلن عن نفسها من حين لآخر حسب إفادات المعهد الوطني المغربي للجيوفيزياء في هذا الباب. و حقيقة لا يمكن لأي منظور تضامني مدروس إلا أن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة في توفير باقي الخدمات التي سيظل المعنيون في حاجة لها على مدى الشهور القادمة، و هي أساسا حاجيات التغذية و الإيواء و المواكبة الطبية العضوية و النفسية بالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير خدمات حياتية أخرى مثل التعليم و التطبيب و الترفيه لفائدة الاطفال والشباب الذين احتفظ لهم القدر بمساحات إضافية للحياة والعيش. و عليه فإن مشاريع التضامن هذه لن تتحقق ما لم تتظافر الجهود و تستجيب كل الفعاليات الرسمية و الخاصة والمدنية لنداء الواجب بما في ذلك شركات الإنتاج الاقتصادي العاملة ببلادنا التي أصبحت مدعوة الآن، إلى الرفع من درجة حسها الوطني بالانخراط بقوة في هذا المجهود الشعبي والرسمي للتضامن سواء على المستوى الآني أو القصير أو المتوسط المدى مع أهلنا في حوز مراكش. و يبدو أن بعض الشركات هي المعنية بدرجة أولى بهذا النداء خاصة، المتخصصة في إنتاج المواد الغذائية الاستهلاكية و المياه المعدنية للشرب و شركات الأدوية و المخابز و وحدات تصنيع و إنتاج الجلود أو البلاستيك و ملابس الشتاء و البرد و ذلك قصد توفير شبه منتظم للحاجيات الغذائية والطبية العاجلة و ملابس البرد إلى جانب الخيام القادرة على إيواء أكبر عدد من المنكوبين خصوصا أن فصل الشتاء على الأبواب و هو ما يطرح تحديات تدبيرية عاجلة. لا ننسى أيضا مؤسسات خاصة لها نشاطها الاقتصادي هي الأخرى القادر على دعم المجهود الحالي في التخفيف من تداعيات الزلزال، ونعني هنا المستشفيات و مصحات العلاج الخصوصية القريبة من مناطق الزلزال أو البعيدة. بحيث هي مدعوة هي الأخرى بقوة إلى التناغم مع هذه الروح الوطنية الحالية من خلال فتح أبوابها مجانا لإسعاف جرحى و معطوبي هذه النكبة تخفيفا للضغط عن المستشفيات العمومية والميدانية العاملة هناك والتي لا تسمح طاقتها الاستيعابية و ضعف التجهيزات الطبية في بعضها بضمان تقديم خدمة طبية عاجلة وفورية إلى الضحايا في ظروف مقبولة. لا نعني بهذا الخطاب الإعلامي تبخيس الجهود المبذولة من طرف بعض الشركات المغربية التي أبانت فعلا عن حس تطوعي فوري في التجاوب مع الحملة التضامنية الحالية مع ضحايا الزلزال، وإنما هي فقط دعوة لانخراط أغلب مؤسسات الإنتاج الخاصة في هذا المجهود الوطني ضمانا لكي تعبر هذه المقاولات بمختلف أحجامها عن جانب خدماتي مجاني بحس مواطناتي لمنظومتها الإنتاجية، دون استغلال النكبة طبعا لتمرير خطابات إشهارية لهذا المنتوج أو ذاك بحثا عن آفاق ربحية مستقبلية بشكل يلزم السلطات المحلية بتكثيف مراقبتها لأشكال الدعم القائمة و مصادر تمويلها لكي لا تستغل بشكل بخيس من خلال المتاجرة في مآسي الضحايا لتحقيق أهداف سياسوية حزبية أو اقتصادية بارغماتية طالما أن التاريخ المغربي سيظل شاهدا على أن الأمة المغربية تصنع تجاوزها الجماعي للمحن و اللحظات التاريخية القاسية بحكمة وتضامن صادق و حضاري.

Exit mobile version