من مزايا الكوارث الطبيعية اذا كان بإمكاننا الحديث عن مزايا للكوارث هو انها تظهر بجلاء حجم الدول و موقعها على الصعيد العالمي. فمن غرائب الصدف ان يصاب بلدين في نفس الوقت تقريبا بفاجعة اتت على الاخضر واليابس.يتعلق الأمر بالزلزال الذي عرفته بلادنا والفيضان الذي أصاب الشقيقة ليبيا في نفس الوقت. وفي مناسبات أليمة كهذه تكون الفرصة مواتية لتقييم حجم الدول ومدى استعدادها لمواجهة مثل هذه الظروف الصعبة.وقد رأينا كيف استطاع المغرب بوسائله الذاتية اللهم بعض الاستثناءات مواجهة الفاجعة باقتدار رغم الصعوبات المتعلقة بالجغرافيا والبنيات التحتية ، في حين عجزت دولة ليبيا عن مواجهة الكارثة ، وانتظرت بعض المساعدات من هنا و هناك لعلها تستطيع انقاذ ما يمكن انقاذه في دولة اصبحت فاشلة بكل المقاييس وتسير برأسين أحدهما في الشرق والآخر في الغرب حيث اختلفوا حتى في تقدير عدد ضحايا الفيضان. وإذ نسرد هذه الوقائع ، فإن ذلك ليس تشفيا في إخواننا في ليبيا لا سامح الله ، ولكن فقط لتبيان الفرق بين دولة لها من المقومات ما يمكنها من الصمود و دولة أخرى تنعدم فيها هذه المقومات رغم ما تمتلكه من ثروات تنهب على أيدي (ثوار آخر زمن) . ما يدفع لمثل هذا الكلام هو المشاهد المقززة التي تابعها العالم في ليبيا من جثث مرمية في الشوارع ولم تجد من يدفنها لان أموال الشعب الليبي صرف بعضها على الأسلحة التي يتقاتل بها الإخوة في الوطن الواحد وجلها تم تحويلها إلى حسابات بارونات الحرب في سويسرا و موناكو و باناما.
ما يدفعنا للافتخار ببلادنا هو توفرها على دولة مركزية رغم ما يمكن احصاءه من عيوب بشأنها، والاهم من ذلك توفرها على مجتمع مدني قوي بإمكانه التدخل في مثل هذه الفواجع والتخفيف قدر الإمكان من تداعياتها ، في حين لا تتوفر ليبيا الشقيقة لا على دولة ولا على مجتمع مدني.
يحق لنا أن نقول بدون أدنى تردد ان المغرب بالقيادة الرشيدة لجلالة الملك وتوجيهاته السامية ، وبمساهمة ابنائه المنظمين في مؤسسات المجتمع المدني وكل الفاعلين ، قد استطاع تدبير الفاجعة باقتدار بوسائله الخاصة في أكثر من 90 ٪ من العمل، في حين لا يسعنا إلا الدعاء لاشقائنا في ليبيا بعودة معالم الدولة التي اختفت من زمان ورحم الله شهدائنا وشهداء اشقائنا الليبيين.