بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،ماي2024.
عشية إعلان نهاية دورة المعرض الدولي للكتاب الذي رسم عن بلادنا صورة تعكس روح الإبداع والفكر و الخلق ،
يوما واحدا قبل نهاية فعاليات الابواب المفتوحة للأمن الوطني التي جسدت صورا بليغة عن وطن متلاحم و متسامح و متطلع الى تقوية تماسك المجتمع بكل مكوناته،
وساعات قبل إنطلاق الأسد الإفريقي الذي يعبر عن مدى إنخراط بلادنا في نادي الاقوياء، بجيش يظاهي جيوش العالم ،
وسط هذه الاجواء المفعمة بالوطنية و الإعتزاز ب “تامغريبيت “, التي تدفع اي متابع للإعتقاد ان المغرب يشق طريقه بنجاح نحو العالمية و نحو إحتلال مكانة تليق به بين الأمم ،
وسط هذه الأجواء ، و المواطن يترقب إجراءات الحكومة ليمر عيد الاضحى في أجواء تضمن له شريعة الأضحية دون ان تكون عبئا عليه بسبب غلاء اللحوم و الماشية في سنة عرفت استمرار موجة الجفاف ،
جاء قرار الحكومة الزيادة في ثمن قنينة الغاز ، قرار وإن كان متوقعا و تأجل لشهور ، و يجد مبرراته في المحو التدريجي لصندوق المقاصة و نهاية الدعم العمومي لبعض المواد،
قرار أخطأت الحكومة في توقيته، لأن الزيادة في مادة الغاز ليست مجرد زيادة في مادة توجد في كل بيت ،ولكنها زيادة في مادة تتحكم تلقائيا في العديد من القطاعات و الكثير من المواد الإستهلاكية الأساسية ،
وفي صبيحة اليوم الموالي للقرار عرفة مادة الخبز زيادة تصل الى 20سنتيم وهي زيادة ليست بالبسيطة ، في انتظار الزيادة في مواد أخرى ستأتي تباعا .
لا اعرف حسابات الدولة والحكومة في توقيت هذه الزيادة قبل عيد الاضحى ، ووسط السنة ،وحتى قبل تفعيل الدفعة الأولى من الزيادة في الأجور ، وقبل الانتهاء من تعميم الدعم الإجتماعي الذي لازال في بداياته.
قرار يبرز تخبطا في قراءة الواقع المغربي من حكومة رفعت شعار الدولة الإجتماعية و رفعت سقف الطموح الشعبي بالبرامج المعلنة التي يبدو ان كثيرا منها محدود الأثر و بعضها الآخر تحول شعارات حالمة .
وستكون الخطوة القادمة إستخفافا بالمواطن و التماسك الاجتماعي حيث تعتزم جمعية” مغرب الثقافات” عودة مهرجان موازين بعد توقف دام ثلاث سنوات.
والكل يعلم ان ميزانية المهرجان تعتمد بشكل كلي على الأموال التي تتدفق على ‘جمعية مغرب الثقافات’ من الشركات الكبرى وأذرع الدولة، بعدما حصلت على صفة ‘المنفعة العامة’ وبالتالي أصبحت منذ سنوات معفية من الضرائب.
ميزانية هذا المهرجان تجاوزت 15 مليار سنتيم و بلغة” البوليميك”، هذه الميزانية تساوي قيمة 300 مليون قنينة غاز بثمن خمسون درهما للقنينة الواحدة .
في عام 2022، بلغ الاستهلاك الوطني 2.73 مليون طن، ما يعادل 227.3 مليون قنينة بسعة 12 كلغ. وفقا لوزارة الاقتصاد والمالية،
مما يعني ان مهرجان موازين ستصرف عليه ميزانية كافية لجعل الغاز مجاني طيلة سنة كاملة !!!
كان من الممكن ان لا تقع الحكومة في المحضور بإعلان رفع الدعم عن قنينة الغاز قبل عيد الاضحى ،و في المقابل كان بإمكانها ان تشتغل على الضرب بيد من حديد على ايدي المضاربين بالمواشي الذين يفرغون إجراءات الدولة لمواجهة غلاء المواشي من محتواها.
في تقديري الشخصي ،إذا كان رفع الدعم قرارا حتميا ،فإن تأجيل القرار الى شهر اكتوبر المقبل كان سيكون قرارا صائبا في توقيته دون الخوض في حيثيات قرار الزيادة وضرورته من عدمه.
إن حجم السخط الذي يعبر عنه المواطنون في مجالسهم يبين ان القرار يشكل بالفعل تهديدا للسلم الاجتماعي ،و قرارا غير محسوب العواقب ، ونسأل الله اللطف ان لا يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
إنتفاضة الكوميرة في الثمانينات ، كانت ضد حكومة ليبرالية فرضت على الشعب التقويم الهيكلي ،
ولا نريد ان تكون هذه الحكومة الليبرالية سببا في زعزعة قناعة المواطنين الراسخة في وطنهم وفي مشاريعه المفتوحة و استحقاقاته المعلنة و المأمولة.
أليس بين الأغلبية الحكومية عاقل يقول للحكومة ان الخبز عند المغاربة رمز للسلم الإجتماعي وان المس به هو فتح للاوضاع على المجهول
اللهم إحفظ هذا البلد من كل سوء و من قرارات السوء ،و من عواقب تسيير السوء
فهل تعتبرون ؟