لماذا لا تلتفت الحكومة إلى الكفاءات الوطنية؟ رشيد بن احسين نموذجا يؤكد غياب الرؤية التشاركية


في الوقت الذي ترفع فيه الحكومة شعارات إصلاح قطاع السكن وتعزيز الحكامة وتحسين جودة العيش داخل الإقامات السكنية، برزت في السنوات الأخيرة أسماء مدنية استطاعت أن تقدم إضافات حقيقية في الميدان، رغم محدودية الإمكانات وغياب أي دعم رسمي. من بين هذه الأسماء، يبرز بقوة الأستاذ رشيد بن احسين، مؤسس أكبر منصة رقمية بالمغرب متخصصة في قضايا الملكية المشتركة، وصاحب مؤلفات وأنشطة تكوينية هي الأولى من نوعها في هذا المجال.
ورغم هذا الحضور الفاعل، يظل سؤال بارزًا يحظى بتداول واسع: لماذا لا تلتفت الحكومة إلى مثل هذه الكفاءات الوطنية؟

منصة مدنية تحولت إلى مرجع وطني
رشيد بن احسين أسس “مجموعة مشاكل وحلول الملكية المشتركة” على فيسبوك، والتي تحولت في ظرف وجيز إلى أكبر تجمع رقمي يناقش قضايا السانديك والتدبير المشترك في المغرب.
تشير تقارير صحفية إلى أن المنصة أصبحت وجهة يومية لآلاف الملاك، حيث تُناقش خلالها الإشكالات القانونية والإدارية، ويتم تقديم استشارات عملية ساهمت في حل عدد كبير من النزاعات داخل الإقامات السكنية.
وقد نقلت مواقع إخبارية مثل Array24 وEcopress والمجتمع المغربي أن المجموعة تجاوزت دور النقاش الافتراضي لتتحول إلى حركة توعوية منظمة، لها لقاءات ميدانية، ندوات، ودورات تكوينية لفائدة وكلاء اتحادات الملاك، كان آخرها في مدينة أكادير.

كتاب بحثي غير مسبوق: من التسيير إلى التوصيات العملية
أصدر رشيد بن احسين مؤخرًا مؤلَّفًا بعنوان:
“الملكية المشتركة للعقارات المبنية: من التسيير إلى الحلول القانونية والمحاسبية”
وهو كتاب اعتمد على بحث ميداني معمق، وحوارات مع فاعلين في الميدان، ومراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالملكية المشتركة.
موقع هسبريس أكد أن الكتاب يقدم توصيات عملية ومقترحات إصلاحية، ما جعله مرجعًا جديدًا للمهنيين والباحثين ولأصحاب القرار المحلي.
أما Ecopress فأشارت إلى أن المؤلَّف يُعد خطوة غير مسبوقة في مجال ظل يعاني فراغًا تشريعيًا وعمليًا لسنوات طويلة.
دورات تكوينية بدل الشعارات
موقع Raidat نشر تقارير عن دورات تكوينية قادها رشيد بن احسين لفائدة وكلاء اتحادات الملاك، خاصة حول تحرير المحاضر، تدبير الجموع العامة، وآليات الشفافية المالية.
هذه الأنشطة تكشف أن الرجل لا يكتفي بالنقد أو التحليل النظري، بل يشتغل على بناء قدرات الفاعلين المحليين عبر التكوين المباشر.
اللقاء الوطني في أكادير، الذي تناولته مواقع مثل MCG24، أبرز أن المبادرة تحولت إلى حركة مدنية منظمة تسعى إلى وضع أسس إصلاحية من داخل المجتمع نفسه.

فجوة واضحة بين المجهودات المدنية والمبادرات الحكومية

رغم العمل الكبير الذي يقوم به الأستاذ رشيد بن احسين، ورغم تجاوب آلاف الأسر مع مبادرته، إلا أن السلطات تبدو غير مهتمة بشكل كافٍ بهذا النوع من المبادرات المدنية التي تنتج أثرًا ملموسًا على الأرض.
فحتى الآن:

لا توجد شراكات مؤسساتية مع وزارة السكن أو الجماعات المحلية.

لا يتم الاستفادة من الأبحاث أو التوصيات التي يقدمها في كتابه.

لا تُدرج مجموعته ضمن برامج التوعية الحكومية رغم نجاحها الرقمي والميـداني.

هذه المعطيات المتوفرة عبر عدد من المواقع والصحف تُطرح سؤالًا جوهريًا:
هل المشكلة في نقص الكوادر… أم في تجاهلها؟

حاجة ملحّة لإشراك الخبرات الوطنية

الكفاءات الميدانية، مثل الأستاذ رشيد بن احسين، تمثل اليوم رصيدًا وطنيًا يجب على الحكومة أن تستفيد منه بدل تركه يشتغل وحيدًا.
ملف الملكية المشتركة يهم ملايين الأسر، ويؤثر على السكن، والطمأنينة، والاقتصاد، والاستثمار، وحتى السلم الاجتماعي داخل المدن.
والتجارب المدنية الناجحة — كما تؤكد حالة بن احسين — يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا إذا تم دمجها في السياسات العمومية، واستثمار خبراتها وتوصياتها، كما تفعل العديد من الدول التي تعتمد على خبراء المجتمع المدني في صياغة القوانين والسياسات.

ختامًا: التفاتة واحدة قد تصنع تغييرًا كبيرًا
يؤكد الواقع أن الإصلاح الحقيقي لا يقوم فقط بالبرامج الحكومية، بل بالكفاءات الوطنية المستقلة التي يهمّها الصالح العام، والتي تمتلك خبرة ميدانية أثبتت قدرتها على تقديم حلول عملية.
رشيد بن احسين هو واحد من هذه النماذج، ومبادرته ليست فقط مساحة للنقاش، بل مشروع وطني كامل يمكن أن يساهم في تجويد حياة ملايين المغاربة.
فهل يأتي اليوم الذي تُنصت فيه الحكومة لما يحدث في الميدان؟
وهل ستمنح للكفاءات الوطنية فرصة المشاركة في الإصلاح بدل الاكتفاء بالكلام عن الإصلاح؟

Exit mobile version