مهرجان تازة: الهيتي… الذاكرة والفنون الحي


بدر العمراوي
تستعد مدينة تازة لاحتضان موعد ثقافي وطني بارز، يتمثل في المهرجان الوطني للهيتي، الذاكرة والفنون الحية، الذي تنظمه جمعية تازة الكبرى للتنمية بدعم من وزارة الداخلية ووزارة الشباب والثقافة والتواصل. ويأتي هذا الحدث ليجعل من الثقافة رافعة حقيقية للتنمية الترابية، ويعيد الاعتبار لتراث محلي ضارب في التاريخ.
منذ تأسيسها، ما فتئت الجمعية المنظمة تعمل على تثمين التراث التاريخي والثقافي والإنساني للمنطقة، واضعة نصب أعينها هدف الإسهام في إشعاع مدينة تازة والحفاظ على غناها الثقافي وتقاليدها الأصيلة. ويشكّل المهرجان حلقة جديدة في هذا المسار، باعتباره فضاءً للاحتفاء بتراث الذاكرة وبالفنون الحية، وفي مقدمتها فن الهيتي، أحد أعرق التعبيرات الفنية لدى قبائل تازة.
يخصص المهرجان دورته لفن الهيتي بوصفه تعبيراً فنياً أصيلاً يحمل ملامح الهوية المحلية ويجسد ذاكرة جماعية متجذرة. ويأتي ذلك في سياق الجهود الوطنية المبذولة لصون التراث اللامادي المغربي وضمان استمراريته، خاصة أن بعض هذه الممارسات مهددة بالاندثار.
ويطمح المهرجان إلى جمع الفنانين، الباحثين، المبدعين، والمهتمين حول موائد للنقاش والتبادل ونقل المعرفة، بما يسهم في تطوير البحث في هذا الفن ودعم الساهرين على الحفاظ عليه.
تعزز دورة هذا العام بعداً دولياً وجهوياً مميزاً من خلال استضافة:
دولة السنغال ضيف شرف دولي، في احتفاء بروابط الصداقة الإفريقية وبعمق الامتداد الثقافي المشترك.
جهة العيون الساقية الحمراء ضيف شرف جهوي، في خطوة تروم إبراز غنى الإبداع الفني بالجنوب المغربي وتعزيز جسور التقارب الثقافي بين جهات المملكة.
تُعدّ تازة مدينة ذات تاريخ ضارب في القدم وموقع استراتيجي جعلها عبر العصور بوابة طبيعية داخل المغرب وفضاءً حاضناً لثراء تراثي استثنائي. ويسعى المهرجان إلى تحويل هذا الإرث إلى رافعة للتنمية المحلية عبر خلق دينامية ثقافية مستدامة، تتيح فرصاً جديدة للسكان ولمختلف الفاعلين.
يضع المهرجان نصب أهدافه:
الحفاظ على فن الهيتي كتراث فريد من نوعه،
دعم الفرق الفنية وشيوخ هذا الفن،
تشجيع مشاركة الشباب في التعلم والممارسة،
جعل تازة قطباً ثقافياً وطنياً يحتضن الفنون التراثية ويشجع على استمراريته
على مدى ثلاثة أيام، سيعيش الجمهور على إيقاع:
عروض الهيتي بمشاركة فرق محلية وجهوية،
التبوريدة بتقاليدها العريقة،
معارض فنية تحتفي بالإبداع التشكيلي المحلي،
ندوات فكرية ينشطها باحثون وخبراء في التراث اللامادي،
عرض تقليدي للأزياء يبرز مهارة الصناع وحرفيي الجهة.
كما يستقبل المهرجان فرقاً وفنانين من مختلف مناطق المغرب، إلى جانب الوفود القادمة من العيون ومن السنغال، في فضاء يجمع بين الأصالة والانفتاح والتبادل الثقافي.
لا يكتفي المهرجان بإحياء التراث فحسب، بل يسهم عملياً في:
تنشيط السياحة الثقافية بتازة،
تعزيز صورة المدينة ومكانتها وطنياً،
خلق منصة سنوية للقاء والإبداع،
تثمين التراث المحلي ونقله للأجيال الصاعدة.
بهذه الرؤية، يرسّخ المهرجان الوطني للهيتي مكانته كموعد سنوي يجمع بين الاحتفاء بالذاكرة وصون الفنون الحية، ويجعل من تازة فضاءً للإبداع والعبور نحو مستقبل ثقافي أكثر إشعاعاً.

Exit mobile version