
امحمد بن عبد السلام
استبشر الفلاحون والمزارعون بإقليم الرشيدية خيرًا مع أولى التساقطات المطرية المتوسطة، آملين في موسم فلاحي واعد طال انتظاره. غير أن هذه البهجة لم تدم طويلًا داخل المدار الحضري للمدينة، بعدما تحولت قطرات المطر، وفي ظرف لا يتجاوز عشر دقائق، إلى اختبار قاسٍ للبنية التحتية التي لم يمض على إعادة تهيئتها سوى أسابيع، بتكلفة قاربت 13 مليار سنتيم.
فالشوارع التي قُدمت كواجهة حضرية جديدة، تحولت بسرعة إلى برك عائمة ومسابح مفتوحة، في مشهد يختزل غياب قنوات ناجعة لتصريف مياه الأمطار وضعف جودة الأشغال المنجزة. من قلب شارع محمد الخامس بمحاذاة ساحة الحسن الثاني، إلى مدخل حي الأطر عند شارع مولاي علي الشريف، بدت الصورة صادمة، وأعادت إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول واقعية المشاريع الحضرية المنجزة.
الفاعلون المحليون والمواطنون على حد سواء يطرحون أسئلة ملحة: هل احترمت الصفقة دفتر التحملات والمواصفات التقنية؟ أين كانت لجان التتبع والمراقبة أثناء تنفيذ الأشغال؟ ولماذا يغيب أي توضيح رسمي يحدد المسؤوليات؟
وإذا كانت بنية تحتية حديثة العهد قد فشلت في أول اختبار طبيعي، فإن المسألة تتجاوز حدود الإهمال لتلامس شبهة سوء التدبير وضعف المحاسبة. وهو ما يطرح بإلحاح إشكالية غياب الشفافية في تدبير المال العام، خاصة في ظل صمت الجهات الوصية وعدم تقديم أي بلاغ يشرح للرأي العام ما جرى.
هذه الواقعة تفتح النقاش من جديد حول النموذج التنموي المحلي بالرشيدية، ومدى جدوى الاستثمارات التي تُقدم في الخطاب الرسمي كإنجازات كبرى، بينما تعجز على أرض الواقع عن الصمود أمام أبسط الظروف الطبيعية. كما تدعو إلى مراجعة أولويات التدبير المحلي وتفعيل آليات المراقبة والمساءلة.
في النهاية، للمواطن الرشداوي، وهو يرى مدينته تغرق مع أول زخة مطر، الحق الكامل في التساؤل والمطالبة بالمحاسبة. فالتنمية ليست أرقامًا تُعلن في الميزانيات، بل جودة ملموسة على الأرض، وصدق إرادة في خدمة الصالح العام.