كلية الشريعة بفاس تحتضن دورة تكوينية في المنهجية الفقهية

تشهد رحاب كلية الشريعة بفاس ما بين 24 و27 يونيه الجاري، دورة تكوينية لفائدة طلبة الدكتوراه في الشريعة والدراسات الإسلامية والقانون الخاص، تحت موضوع: “المنهجية الفقهية في المذهب المالكي من خلال كتاب فتح الفتاح للعلامة ابن رحال ت1140 هجرية”.
ويأتي تنظيم هذه الدورة التكوينية بشراكة بين مختبر الدراسات التطبيقية في الشريعة والقانون بكلية الشريعة وعمادة الكلية وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ومركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي والرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب.
وأشاد السيد رئيس الجامعة الدكتور الأستاذ المصطفى اجاعلي، في كلمته الافتتاحية لهذه الدورة التكوينية والتي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور الأستاذ مصطفى الحضرمي النائب المكلف بالبحث العلمي والتعاون، ببرنامج الندوة الذي ينسجم مع إرادة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في تكوين جيل جديد من الطلبة الدكاترة، ومع استهداف مشروع تنمية الجامعة للسيد الرئيس لتنمية الكفايات البحثية والمنهجية للطلبة الدكاترة على مختلف التخصصات المعرفية المتكاملة، وذلك بتخصيص ميزانية هامة للمختبرات بعد عملية التقييم، ودعم حركية الأساتذة وطلبة الدكتوراه، وتخصيص ميزانية للمكافأة على النشر المفهرس، وتشجيع الإنتاج العلمي ومشاريع البحث، ودعم إنشاء مجلات مفهرسة بالجامعة، وإحداث جائزة أفضل الباحثين الشباب، ودعم مركز الابتكار بالجامعة، وغيرها من الإجراءات والتحفيزات.
إن هذه الدورة التكوينية، يضيف الأستاذ الحضرمي، تسعى لإعادة الاعتبار للتراث الفقهي المغربي، وتساهم في إثراء البحث العلمي بهذا الخصوص، بما يخدم التوابث الوطنية التي من بينها الفقه المالكي، خاصة على مستوى المنهجية الفقهية التي تتناولها أعمال الندوة، وترشيد البحث العلمي في هذا الحقل المعرفي الشرعي، والتكامل بينه وبين العلوم الإنسانية.
وألقى الدكتور العلمي محمد، رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، كلمة نيابة عن السيد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، أكد من خلالها على أهمية التنظيم المشترك بين الرابطة والجامعة لمثل هذه اللقاءات العلمية، بغرض الرفع من المستوى العلمي والتكويني للطلبة الباحثين، وتنبيه الهمم والعزائم إلى الطرق الصحيحة لتفسير الدين، وتصحيح سكة إنتاج الحقائق.
وتقوم الرابطة المحمدية للعلماء بمجموعة من الأعمال المتنوعة، ومن بينها الأيام البيداغوجية التي يؤطرها المركز المذكور سنوياً بتشارك مع الجامعات، والتي وصلت للنسخة الثامنة في هذه الدورة التكوينية، لترشيد التكوين الجامعي، وتخريج أطر أكثر ارتباطا بأنظمتها ومؤسساتها الدينية التاريخية، وأكثر كفاءة في أدائها.
وتواصلت أعمال الجلسة الافتتاحية للدورة التكوينية بكلمة السيد عميد كلية الشريعة بالنيابة الدكتور عبد المالك اعويش، ركز من خلالها على الطرح الإشكالي للأيام التكوينية، الذي هو الكشف عن منهجية البناء الفقهي وطرق اشتغال العقلية الفقهية المالكية. وتعتني المنهجية الفقهية المالكية بالتأليف والتدريس والتبليغ والإلقاء من أجل تقريب الفكر الفقهي. كما توقف المتدخل عند عمق ومركزية الفقه المالكي في حياة وتاريخ المغاربة باعتباره تابثا من التوابث الدينية.
من جهته، أوضح السيد مدير مختبر الدراسات التطبيقية في الشريعة والقانون الدكتور عبد القادر بوعصيبة بأن الاختيار وقع على التعريف بالمنهجية في الفقه المالكي، بصفته أحد المذاهب الأربعة المعتمدة في الشريعة، وذلك انطلاقا من كتاب فتح الفتاح لابن رحال المعداني، لكونه أوسع مصدر موجود جمع هذه المنهجية، وهو خزانة علمية في ذاته تجمع عدداً من المؤلفات والحواشي والاستدراكات والتذييلات والتحريرات الفقهية عز أن تجتمع في غيره. ففي نصوص هذا الكتاب تكمن منهجية فقهية عميقة وراسخة، كان عليها العمل، وبها توفر الاستقرار الفكري والتشريعي والعرفي للمجتمعات التي استندت عليها.
ولا تزال بقايا هذه المنهجية، يضيف الأستاذ المدير، تقوي عوامل الاستقرار والتوازن، رغم أن العصر الحالي طرح صعوبات جمة على الشريعة، تلزم الفقهاء والباحثين بذل قصارى الجهد لاستيعاب هذه التحديات، والحفاظ بسلاسة على أقصى ما يمكن من أنظمة الشريعة وعلومها وقواعدها والأعراف الاجتماعية المتفرعة عنها، وهو الأمر الذي لم يبذل فيه سعي منظم لحد الآن.
وتأمل الأطراف المنظمة لهذه الدورة التكوينية، أن تسهم مناقشة هذه المنهجية في إفادة الطلبة الدكاترة بما لم يتح لهم الوقوف عليه بشكل مركز ومكثف، من أسرار الصناعة الفقهية ومناهج العلماء في تدبير بيان الشريعة والحفاظ عليها وعلى مجتمعها.
وجدد السيد رئيس شعبة التفسير والحديث وأصول الفقه بكلية الشريعة بفاس ومنسق اللجنة العلمية والتنظيمية للدورة التكوينية الدكتور محمد بن جبور، التأكيد على أهمية التعاون العلمي بين الكلية وجامعة سيدي محمد بن عبد الله ومركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي والرابطة المحمدية للعلماء بما يخدم البحث في العلوم الشرعية، ويما يحقق برنامج عمل المختبر.
وتنسلك المنهجية الفقهية التي تشتغل عليها الدورة التكوينية طيلة أيام اشتغالها الأربعة على مسارات متوازنة ثلاثة: مسار المتن المذهبي ومنهجية توثيقه وتأويله وشرحه، ومسار الاستدلال والتوجيه والتعليل والنظر والحجة، ومسار النوازل والقضاء والفقه التطبيقي عموما.
ولتحقيق كل الأهداف والكفايات المذكورة أعلاه، تناولت أعمال الدورة التكوينية محاضرة افتتاحية وأخرى ختامية، وجملة من الجلسات العلمية والمداخلات النوعية وفق البرنامج الاتي :

Exit mobile version