من أغنية مهمومة إلى شر كبي أتاي

الحسن ساعو

يعرف المشهد الثقافي والفني ببلادنا تراجعا لم يشهد له مثيل من قبل، فالأجيال السابقة كانت تتمتع بذوق فتي راقي وجميل ، سواء على مستوى الكلمات التي تتضمن صورا شعرية متميزة وموسيقى متزنة ومبدعة تستمد ايقاعاتها من الموروث المغربي والإنساني العالمي،، حيث عرفت الساحة الموسيقية ميلاد العديد من الأغاني التي تساهم في ترقية الحس التربوي والفني، أغاني تترجم الحب النبيل و تعالج ظواهر المجتمع وتدافع عن قضاياه ، أغاني تتغنى بالقضايا الوطنية النبيلة وتساهم في محاربة المستعمر والتعريف بقضايا الوطن والشعب ، كتجربة ناس الغيوان وجيل جيلالة والمشاهب وازنزارن واوسمان وعموري مبارك …. إلخ ،والكثير من المجموعات الغنائية الملتزمة ، وكان لنضالات حركات التحرر الوطني نصيب من هذه الأغاني من خلال الفنانين مارسيل خليفة وفيروز والشيخ إمام وجوليا بوطروس والكثير من الفنانين، دون أن ننسى روائع عبد الهادي بلخياط ومحمد الحياني وفيتح وأم كلتوم ومحمد عبد الوهاب.غير أن العقود الأخيرة عرفت تراجعا رهيبا في الذوق الفني ، خلال انتشار كلمات خليعة في بعض الأغاني التي تفتقد لأبسط الشروط الموسيقية والإبداعية. كلمات سوقية احتلت الصدارة في مواقع التواصل الاجتماعي، كأغنية شر كبي أتاي وشر كبي هواي التي تحرض على ممارسات شاد.ة وسلوكات غير تربوية. لقد تم اعتقال من أخرج هاتين الأغنيتين ، لكن في نظري فهذا الاعتقال لن يساهم في رقي الأغنية المغربية، وفي اعتقادي فإن تكثيف البرامج التربوية والثقافية في الأحياء ورد الإعتبار لدور الشباب وتدريس الموسيقى بالمؤسسات التعليمية والتعريف بالموروث الفني المغربي والكوني الراقي وتخصيص حوافز لكتاب الكلمات وتشجيع الموسيقيين الشباب، وتشجيع المهرجانات الجادة، هوالقادر على تنظيف الفضاء الفني وإعطاء الأغنية المغربية مكانتها الفنية والجمالية.

Exit mobile version