حينما يقرر الفاعل الثقافي الاحتفاء بتجربة الراحلين نور الدين الصايل و عمر سليم

بقلم سمير السباعي

يعتبر الاحتفاء بذكرى أسماء مغربية راحلة سبق و أن ساهمت عبر عطاءاتها المتعددة في خدمة المشهد الثقافي و الاعلامي ببلادنا طقسا محمودا و رهانا واضحا من أجل استثمار الذاكرة و جعلها قابلة للحياة والفعل من جديد. ضمن هذا السياق و في اطار الدورة الثانية عشر للمهرجان الدولي لفيلم الطالب الذي نظمته في الفترة ما بين 12 و 15 دجنبر 2023 بالدار البيضاء جمعية فنون و مهن بشراكة مع المعهد السينمائي المغربي و المدرسة العليا للفنون الجميلة و مقاطعة الصخور السوداء و معهد IHB للفن والاعلام يومه الخميس 14 دجنبر 2023 على الساعة الرابعة زوالا بفضاء هذا الأخير ماءدة مستديرة ترأسها المدير الفني للمهرجان الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس والتي خصصت لتخليد ذكرى الراحلين السينمائي نور الدين الصايل و الاعلامي عمر سليم، بحضور أسماء مغربية عاصرت بشكل أو باخر الفعل الثقافي الذي أسسه له الراحلين المحتفى بذكراهما. و لا يمكن لأي فاعل اعلامي الا أن يسجل حجم وقوة الشهادات التي عرفها هذا العرس الفكري و التي التقت جلها حول الأثر الذي خلفته الممارسة الميدانية النشيطة التي اضطلع بها كل من نورالدين الصايل و عمر سليم، و هو ما بدا واضحا من خلال الكلمات الأثيرية التي نسجتها التعابير ذات النفس التأبيني و التي شارك بها بعض أبناء الراحلين و فاعلون ثقافيون مغاربة أمثال عادل سليم و نادية الصايل لحسن زينون و محمد كراوي و عبد الله الشيخ و محمد المعتصم و اكرام البورقادي و عادل الفاضلي. لا ننسى في البداية أن حسن نرايس أكد أن هذا العرس الاحتفاءي هو يأتي لتخليد ذكرى اسمين علمين قدما خدمات جليلة للوطن كل من موقعه بطبيعة الحال، و هو الاطار نفسه الذي اتجهت فيه أغلب المداخلات التي أكدت على الدور الكبير الذي ساهم به الراحل نور الدين الصايل في التأسيس لثقافة سينمائية مغربية ذات عمق فلسفي لكن بحس وطني امن بضرورة دعم المبادرات الخاصة و الجماعية كانت منبعثة من مراكز المدن الكبرى أو من هوامش المغرب العميق شريط أن تكون حلقة في حلقات مسلسل طويل شاق ومضني للتأصيل لفعل سينمائي نشيط و مؤسساتي ما أمكن على الصعيد المغربي، وهو ما حرص على تفعيله الراحل الصايل عبر مختلف المحطات التي اضطلع بقيادتها سواء في مرحلة التدشين للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب في فترة السبعينات أو من خلال ترأسه لزمام المبادرة في المركز السينمائي المغربي ضمن نسق امن بقوة بتنزيل الخطاب الفلسفي من خلال الصورة عبر مرجعيات تأسيس متعددة اللغات والأبعاد بل والاتجاه لتخصيب الممارسة السينمائية في بعدها الافريقي عبر الاحتفالية التي كانت ولاتزال يؤسس لها مهرجان خريبكة للسينما الافريقية تزامنا مع المشروع الكبير الذي حاول من خلاله الراحل الصايل أن يغير المناخ العام للعمل داخل دواليب القناة التلفزية المغربية الثانية 2M بتوجيهات ملكية سامية على حد تعبير نرايس، وهو ما جعل مسار الراحل حسب كثير من الحضور ظل موسوما بديناميكية ملحوظة. و في نفس السياق ذهبت مداخلات أغلب الحضور حول تجربة الراحل عمر سليم الذي تم اعتباره مثقفا من نوع خاص و اعلامي رسم انطلاقته الأولى من فوق خشبة المسرح ليعانق أنفاس العمل الاذاعي كواحد من الرواد الذين أسسوا لتجربة اذاعة المغرب العربي قبل أن يقرر خوض غمار تحدي التأسيس لتجربة القناة الثانية نهاية الثمانيات رفقة جيل من الاعلاميين الاخرين، ليبصم الراحل من خلالها على عقود من العمل التلفزيوني داخل بلاتوهات 2M ببرامج ثقافية عميقة لازالت ذاكرة المشاهد المغربي تحتفظ بجزء مهم من سرديتها ان صح القول. و الجميل في هذا الاحتفاء أنه أكد على أن الممارسة الثقافية للراحلين نورالدين الصايل و عمر سليم شكلت مرجعا موجها لعدد من الشباب الفاعل حينها والذي يضطلع الان بمهام مؤسساتية في التنشيط الثقافي ببلادنا خاصة أن زخم تلك الممارسة و نفسها القيمي النضالي الممزوج بحرقة السؤال كانت نبراسا جماليا لكثيرين من أجل شق طريق الابداع الفني داخل مشهد ابداعنا المغربي الان. وفي ختام اللقاء أشرف الحضور و أعضاء من اللجنة المنظمة لهذا المهرجان على تدشين استوديو”عمر سليم” و بلاتو التصوير” نور الدين الصايل” داخل أحد فضاءات معهد IHB للفن والاعلام كاعتراف بالعطاءات التي قدمها الراحلان للفعل الثقافي العام ببلانا، و كعنوان على استمرارية الذاكرة السينمائية و الاعلامية كبوصلة قيم مرجعية موجهة و محفزة لفاءدة طلبة المعهد من أجل التأسيس لممارسة فنية واعلامية تكون في مستوى ما قدمه الراحلان لتأهيل فعلنا الثقافي المغربي .

Exit mobile version