انطلاق أشغال المؤتمر ال47 لقادة الشرطة والأمن العرب بطنجة

طنجة – انطلقت اليوم الأربعاء بمدينة طنجة أشغال المؤتمر ال47 لقادة الشرطة والأمن العرب، الذي تنظمه المملكة المغربية ممثلة في المديرية العامة للأمن الوطني، بشراكة مع الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، والذي يناقش عددا من القضايا الأمنية ومنها استعمال التكنولوجيا الحديثة في الجرائم الإرهابية والجريمة المنظمة ، وتوصيات مؤتمرات رؤساء القطاعات الأمنية واجتماعات اللجان المنعقدة في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2023 .

ويتميز المؤتمر الذي يبحث أيضا آلية تنسيقية تشاركية بين البلدان العربية للتكفل بعلاج المصابين من رجال الشرطة، بحضور الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، ورئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “أنتربول”، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وبمشاركة رؤساء أجهزة الشرطة والأمن في عشرين دولة عربية وست منظمات دولية وإقليمية.

وأكد المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني السيد عبد اللطيف حموشي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، أن استضافة المغرب ،وبالضبط مدينة طنجة ، لهذا الحدث الأمني البارز يعكس حرص المملكة على توطيد أواصر الأمن العربي وضمان الاستقرار في ربوع الفضاء العربي ، مشيرا الى أن انعقاد المؤتمر يأتي في زمن حساس موسوم بتنامي الكثير من أنماط الإجرام العابر للحدود في مختلف دول العالم ، كما أن الظرفية الحالية تبقى مفتوحة على كثير من التحديات الأمنية مع تنامي التهديد الإرهابي وتقاطعاته العضوية مع شبكات الإجرام المنظم العابرة للحدود .

وشدد السيد حموشي على أن أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم هي تلك المرتبطة باتساع رقعة التهديد الإرهابي بسبب ظهور التكتلات الجهوية للتنظيمات الإرهابية خصوصا في دول الساحل والصحراء ،في العمق الافريقي للدول العربية، كما تواجه المنطقة العربية ،بشكل غير مسبوق ، تزايد تدفقات ونزوح المهاجرين غير النظاميين في إطار شبكات إجرامية منظمة تراهن في كثير من الأحيان على الاختراق الأمني ونقط الحراسة الأمنية على الحدود الوطنية للدول، إضافة الى تزايد المخاطر بسبب التحديات التي تطرحها شبكات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية لاسيما في ظل بروز وانتشار العديد من المخدرات التركيبية التي تدفع المتعاطين لها الى ارتكاب الجرائم المطبوعة بالعنف.

وأشار الى أن مصالح الأمن رصدت ما بعد مرحلة جائحة كورونا تزايد مؤشرات الجريمة المعلوماتية وتكاثر قضايا الاحتيال والابتزاز السيبراني ، وهو ما يشكل تهديدا بالغا للاقتصادات الوطنية ولأمن الدول وحرمة المعطيات الشخصية للمواطنين مع تنامي الكثير من الجرائم المعقدة ، مبرزا ضرورة تكوين جبهة أمنية مشتركة قادرة على مواجهة الخطر الإرهابي والشبكات الاجرامية بكل أشكالها واجتثاث جميع القواعد الخلفية للتدريب وكل موارد التمويل والحد من الملاذات الآمنة لشبكات الإجرام على اختلاف أنواعها .

وأكد السيد حموشي أن أهمية المؤتمر تبرز أكثر في قيمة المواضيع المدرجة للنقاش ،فهو مؤتمر يزاوج بين الجانب الأمني وضرورة تنسيق الجهود وتبادل الخبرات من أجل ضمان المكافحة الناجعة والتصدي الحازم لكل الظواهر واستعمال التكنولوجيا الحديثة في العملية الإرهابية واستعمالها المعيب ، والجانب الإنساني عبر إدراج آلية تنسيقية بين الدول العربية في هذا السياق تجسد الرعاية التي ما فتئ يوليها الجسم الأمني لموارده البشرية باعتبارها قطب الرحى في إنجاح سياسة أمنية والسبيل الناجع للنهوض بالجانب الاجتماعي للشرطة وتمكينها من الاضطلاع الأمثل بواجباتها الأمنية لخدمة الوطن والمواطنين .

وأبرز أن المغرب يولي اهتماما بالغا لنجاح المؤتمر ايمانا منه بأهمية الأمن العربي المشترك والموحد الكفيل بمواجهة الامتدادات الإقليمية للمخاطر الأمنية على المستوى العربي ، ومن منطلق حرصه الكبير والمبدئي على أهمية التنسيق مع المنظمات الأمنية العالمية والإقليمية الحاضرة في المؤتمر لتعزيز الأمن العالمي.

وجدد المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني التأكيد على التزام المغرب بدعم التعاون العربي والدولي ، وتقوية آليات مكافحة الإرهاب ومختلف صور الجريمة المنظمة، كما أبدى استعداد الأجهزة الأمنية المغربية لتقاسم خبرتها مع جميع الدول الأعضاء بما يحقق المواجهة الحازمة لمختلف المخاطر والتهديدات الإجرامية.

وكان السيد عبد اللطيف حموشي قد قام في بداية الأشغال باطلاع المشاركين على شريط فيديو، يُعرف بالمملكة المغربية وبقواتها الأمنية، ويبرز مظاهر التطور والتحديث التي تشهدها المملكة المغربية في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. ويتعلق الأمر بالشريط الذي قدمته المديرية العامة للأمن الوطني نهاية الأسبوع المنصرم بفيينا بالنمسا حيث نال المغرب شرف احتضان الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة لمنظمة “الأنتربول” سنة 2025.

من جانبه، عبر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان، في كلمة بالمناسبة، عن الشكر والعرفان لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لسعيه المحمود في خدمة القضايا العربية وتدعيم الأمن والسلم الدوليين وكذا لعناية جلالته الموصولة بالعمل الأمني العربي المشترك.

وأبرز السيد كومان أن احتضان المغرب للدورة ال93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) عام 2025 ، يمثل تقديرا للمستوى المرموق الذي يحتله المغرب اليوم و لتوفره على كل التجهيزات والبنى التحتية التي تضمن نجاح مثل هذه الأحداث الكبرى ،كما أن تنظيم هذه التظاهرة الأمنية بطنجة سيعزز مكانة الوطن العربي في التعاون الشرطي الدولي.

وأشار الى أن استضافة المغرب أيضا لنهائيات كأس العالم سنة 2030 بالتشارك مع إسبانيا والبرتغال، تجسد الثقة في كفاءة الأجهزة المغربية ،وهو ما سيعزز كذلك الصورة المشرقة للدول العربية.

وسجل أن مناقشة المؤتمر لموضوع “استعمال التكنولوجيا الحديثة في الجرائم الإرهابية والجريمة المنظمة” هو اختيار وجيه نظرا للتحديات التي يطرحها هذا الاستخدام على أجهزة الشرطة والأمن ، مشددا على أن الأمر لا يتعلق فقط بالجريمة السيبرانية على خطورتها وصعوبة مواجهتها، بل يتعلق كذلك باستخدام سائر أدوات التكنولوجيات المستجدة ،مثل الطائرات والغواصات المسيرة في ارتكاب الأعمال الإرهابية وتهريب المخدرات وغيرها من أنماط الجريمة المنظمة ، وكذلك الحال بالنسبة للتحديات الأمنية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي ، والذي يعتبر أيضا من تحديات الغد بالنسبة الى أجهزة الأمن في جميع أنحاء العالم.

وبدوره، نوه أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، بالتطور الكبير الذي يشهده المغرب، وبنجاعة واحترافية مؤسساته الأمنية، مما جعله واحة للأمن والاستقرار، وشريكا جديا في جهود بناء عالم أكثر أمنا واستقرارا.

وقد تواصلت أشغال هذا المؤتمر بتقديم الوفد المغربي لعرض حول التجربة المغربية في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية، وخصوصا الإطار القانوني والتنظيمي وآليات مواجهة هذا النوع من الجرائم المستجدة.

كما قدم الوفد القطري مداخلة أبرز فيها تجربة بلاده في تنظيم وتأمين كأس العالم لكرة القدم (قطر 2022).

وتم خلال أشغال المؤتمر التركيز على أهمية التعاون بين الأجهزة الأمنية العربية في ما يتعلق بتطوير العرض الصحي المقدم لمنتسبي الشرطة، وتثمين التجربة المغربية في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية، وكذا استعراض توصيات المؤتمرات والاجتماعات القطاعية المنعقدة في نطاق عمل الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب.

ووفي ختام الأشغال استعرض محمد بن علي كومان توصيات المؤتمر 47 لقادة الشرطة والأمن العرب، وأعلن عن لائحة الدول الفائزة بجائزة أفضل الأفلام التوعوية التي تنجزها المؤسسات والمصالح الأمنية في إطار مهامها التواصلية والإنسانية.

وقد فازت المملكة المغربية، ممثلة في المديرية العامة للأمن الوطني، بجائزة أفضل فيلم توعوي في مجال الشرطة المجتمعية والبعد الإنساني في عمل مصالح الأمن، عن فيلم تحسيسي يوثق للتضحيات التي قدمتها عناصر القوات العمومية لمساعدة وإغاثة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز.

وشارك في المؤتمر كبار المسؤولين الأمنيين من مختلف الدول العربية ،فضلا عن ممثلين عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ،والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل ومشروع مكافحة الإرهاب والعدالة الجنائية ووكالة الاتحاد الأوروبي للتدريب على إنفاذ القانون ،وجهاز الشرطة الأوروبية والاتحاد الافريقي للتعاون الشرطي ، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والاتحاد الرياضي العربي للشرطة .

وتميزت هذه الدورة بمشاركة جل الدول العربية، ويتعلق الأمر بالإضافة إلى المملكة المغربية، بالمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والجمهورية التونسية، ودولة جيبوتي، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية السودان، وسوريا، والعراق، وسلطنة عمان، وفلسطين، وقطر، وجزر القمر، والكويت، ولبنان، ودولة ليبيا، وجمهورية مصر العربية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية و اليمن.

Exit mobile version