بقلم الدكتور محمد الخمسي
من أجل قناة محترفة : هذه الايام قرأت مقترحات ذكية متعلقة بحجم الوثائق التي ستصبح تحت تصرف واطلاع المغرب، هذا الارشيف من الوثائق التاريخية سيرفع الغطاء عن مضمونها وهو ما يمثل ثروة لكثير من المؤسسات، ومن المعلوم أن معرفة الماضي و الحاضر يساعد على اتخاد افضل القرارات في المستقبل (سلسلة ماركوڤ les chaînes de Markoff) ، هذه الوثائق و المخطوطات تحتاج الى عدة تخصصات لمعالجتها ودراستها علميا د، علم الوثائق اتخذ تسميات متعددة منها التوثيق (Documentation) او علم المعلومـات والتـوثيق (Information Science and documention) او علم الوثائق (الدبلوماتيك diplomatics)
او علم الوثائق (الدبلوماتيك diplomatics)
بل اصبح هناك تخصص علم الطرق النقدية لمصادر التاريخ الرسمية.
لاشك أن العلاقات الدولية إستفادت من دراسة المواثيق والقوانين والمعاهدات والعقود والسجلات القانونية، والوثائق الأخرى المشابهة، كما اهتمت واشتملت عبر مسار دراسة نشأتها وتكوينها تقييمها وتمييز الصحيح من المزور من الوثائق على خبرة تفاوتت فيها الدول.
إن دراسة الوثائق التاريخية مهم من أجل التحقق من حدوث وقائع تاريخية معينة من عدمها، وإن مظاهر تطور علم الوثائق يمكن قياسه اعتماداً على مؤشرات إيجابية توفرت للمغرب منذ عدة عقود وأهم هذه المؤشرات:
1 وجود باحثين في مجالات علم الوثائق ومدرسين يعملون في حقل الوثائق،
2 مؤسسة بحجم وامكانات دولية محترمة “المديرية العامة للدراسات و المستندات” ولا شك انها تتوفر على خبرة عالية في معالجة المعلومات المتوفرة في الوثائق، كما ان الامر يتطلب الى جانب هذا وبسبب حجم ما يبتوفر للمغرب من وثائق:
3 وبرامج دراسية جامعية متخصصة لهذا النوع من المعطيات والارشيف،
4 مؤسسات بحثية وأكاديمية مهتمة بعلم الوثائق والمعلومات.
و من باب التذكير ايضا ان هناك أنواع من الوثائق وأشكالها حيث يمكن تقسيمها وفق عدة أسس منها الوثيقة المعتمدة من حيث الغرض الذي يرمي إليه الفاعل القانوني من كتابة الوثيقة وتقسم إلى نوعين وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليلاً أمام القضاء وخاصة الدولي، يثبت بها الفعل أو التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق الإرادتين·
و وثائق ضرورية لقيام بعمل قانوني، ومثال ذلك: الهبة التي لا تتم من الناحية القانونية إلا بوثيقة·
إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد الاعتماد على الوثائق المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليلاً على تقدم النظم القانونية والحضارية في الدولة، إذ إن الكتابة تفوق الشهادة، والكلام ينسى وتبقى الكتابة من خلال الدواوين الاقوى من حيث صحتها ومبلغ الاعتماد عليها، إذ الوثيقة الكتابية تتكون من كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة لايمكن الطعن فيها·
و ايضا هناك وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص، أو أنها ليست معتمدة من جهة رسمية·
ومع التطور التقني اصبحنا امام الوثيقة التصويرية، ويأتي نوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية، وتعد في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتد بها وحدها، لأن المحتوى فيها موضع ترجيح أو شك وهي في الغالب رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في الحجر أو صورة شمسية·
وايضا الوثيقة التشكيلية وتعد أيضاً من الوثائق المساعدة، وهي مماثلة للوثيقة التصويرية في كثير من المقومات، واضيفت الان الوثيقة السمعية، التي تدخل أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالب تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي·
ومع التطور المعاصر والتطورات الإلكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها الخبراء في دراسة اللهجات الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير على سبيل ونموذج الاستفادة من الوثائق.
من وجهة نظر المؤرخين تنقسم الوثائق إلى وثائق الديوان اي صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق إخراجها وشكلها· او وثائق غير ديوانية أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة، ثم تليها وثائق وطنية اوقومية تحفظ تراث الأمة الذي يعكس نشاطها في كل المجالات ولاسيما المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق.
فرصة تاريخية لمؤسسة تلفزية “المغربية للوثائق والمخطوطات”
ستكون هذه مؤسسة مساعدة على بناء دراع اعلامي وطني، يفتح النقاش بين المتخصصين في الوثائق واستخلاص نتائج عملية اجرائية، وبناء عليها سيعطي عملا منظما يعتمد الرقمنة كوسيلة للحفظ والنشر، ويغني الوعي المغربي بالذاكرة التاريخية، ويسلط الأضواء على تاريخ واحداث الجارة الشرقية وكيف تم صناعتها، ودمع الكشف عن طرق اغتصاب ونزع مساحات من الدول المجاورة، والتلاعب في خرائط المنطقة سواء المغربية او التونسية او الليبية وهو ما يمهد الى المطالبة بالحقوق الأرضية من طرف الدولة التي تعرضت الى تزوير حدودها على يد الاستعمار الفرنسي الذي كان يعتقد انه لم يغادر الجزائر الى الابد.
ومن أجل هذه الغاية الوطنية الكبرى هناك عائق عقلي ونفسي قد يفوت علينا هذه الفرصة اسمه الوضع الحالي للاعلام العمومي، الذي لا تنقصه الكفاءات وانما روح وحرية تشجيع المغاربة على الابداع وهو أمر غير قابل للاستيراد من الخارج، والا لما كان معنى للحديث عن الروح الوطنية،وهنا وجب أن يكون القطب الاعلامي العمومي في مستوى التحديات والفرص التاريخية.